كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 9)

"""""" صفحة رقم 239 """"""
والطحاوي : والنظر أن الخيل في معنى البغال والحمير التي قد أجمع الجميع على أن لا صدقة فيها ، ورد المختلف فيه إلى المتفق عليه إذا اتفقا في المعنى أولى . وقال أبو عبيد : وكان بعض الكوفيين يرى من الخيل صدقة إذا كانت سائمة يبتغي منها النسل ، فقال : إن شاء أدى عن كل فرس ديناراً ، وإن شاء قومها ثم زكاها ، قال : وإن كانت للتجارة كانت كسائر أموال التجارة يزكيها ، قال أبو عبيد : أما قوله في التجارة فعلى ما قال ، وأما إيجابه الصدقة في السائمة فليس هذا على اتباع السنة ، ولا على طريق النظر ، لأن رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) قد عفا عن صدقتها ، ولم يستثن سائمة ولا غيرها ، وأما في النظر ، فكان يلزمه إذا رأى فيها صدقة أن يجعلها كالماشية تشبيهاً بها ، لأنها سائمة مثلها ، فلم يصر إلى واحد من الأمرين ، وقد جاء عن غير واحد من التابعين إسقاط الزكاة من سائمتها ، فروي عن الحسن أنه قال : ليس في الخيل السائمة صدقة ، وعن عمر بن عبد العزيز قال : ليس في الخيل السائمة زكاة ، وقال أبو عبيد : وقد قال مع هذا بعض من يقول بالحديث ويذهب إليه : إنه لا صدقة في سائمتها ولا فيما كان منها للتجارة أيضاً ، يذهب إلى أن رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) قال : " قد عفونا لكم عن صدقة الخيل والرقيق " ، فجعله عاماً ، فلا زكاة في شيء منها ، قال أبو عبيد : فأوجب ذلك الأول الصدقة عليها في الحالين جميعاً وأسقطها هذا فهما كلتيهما وأحد القولين فأوجب القولين عندي غلو ، والآخر تقصير ، والقصد فيما بينهما هو أن تجب الصدقة فيما بينهما هو أن تجب الصدقة فيما كان منها للتجارة ، وتسقط من السائمة ، على هذا وجدنا مذهب العلماء ، وهم أعلم بتأويل حديث رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) ، وهو قول سفيان بن سعيد ومالك وأهل العراق وأهل الحجاز والشأم ، لا أعلم بينهم في هذا اختلافاً ، والله أعلم بالصواب .

الصفحة 239