كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 9)

"""""" صفحة رقم 5 """"""
لأنه إذا توقف في القراءة أحتاج إلى إعادة اللفظة وتكريرها ، وترديد الكلمة وتدويرها ، فتشكل قراءته على سامعه ومستكتبه ، ويكون قد أخل برتبته ومنصبه .
وأما حسن الخط - فلأنه مندوب إليه في مثل ذلك ، وله من الفوائد ما لا يحصى ، ولأن المكتوب إذا كان حسن الخط قبلته النفوس ، وانشرحت له ومالت إليه ، وإذا كان على خلاف ذلك كرهته وملته وسئمته ، وقد ذكرنا ما قيل في حسن الخط وما وصفت به الكتابة عند ذكرنا لكتابة الإنشاء ، فلا فائدة في إعادته هنا .
وأما معرفة العربية - فلأنه إنما يكتب عن حاكم المسلمين في الأمور الشرعية ، فلا يجوز أن يصدر عنه لحن بلفظه ، فكيف إذا سطره بقلمه ؟ فإن وقع ذلك كان من أقبح العيوب وأشنعها ، وربما أخل بالمقصود ، وحرف المعنى المراد وأخرجه عن وضعه ، ونقله إلى غير ما أريد به ، سيما في شروط الأوقاف .
وأما معرفة الفقه - فلأنه يجلس بين يدي حاكم عالم ، لا يكاد يخلو مجلسه غالباً من الفقهاء والعلماء ، فيوردون المسائل أو تورد عليهم ، فيحصل البحث فيها فيتكلم كل من القوم بما علمه بقدر اشتغاله ونقله ، فإذا كان الكاتب عارياً من الفقه والمدارسة ومطالعة الشرعية اقتضى ذلك عدم مشاركته لهم فيما هم فيه فيصير بمثابة الأجنبي من المجلس ، وهو في ذلك بين أمرين : إما أن يسكت ، فلا فرق بينه وبين جماد شغلت به تلك البقعة التي جلس فيها ، أو يتكلم بما لا يعلم ، فيرد عليه قوله ، فيحصل له الخجل في ذلك المجلس الحفل ، ويستزريه القوم ، هذا

الصفحة 5