كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 9)

"""""" صفحة رقم 7 """"""
الذي هو ممن يشار إليه فيه ، فيصير في ذلك المجلس تابعاً بعد أن كان متبوعاً ، ومقلداً لغيره ، ومسطراً بقلمه ما لم يعرفه وما هو أجنبي عنه ، هذا إن أتفق أن يحضر المجلس من له معرفة بهذا العلم ، فأما إن خلا المجلس ممن يعلم ذلك جملة كان أشد لتوقيف الأمر وتعطيله ، ودفعه من وقت إلى آخر ، وفي هذا من النقص والتقصير والإخلال برتبته ، وعدم الإنصاف بالكمال في صناعته ، ما لا يخفى على متأمل . وأما معرفة صناعة الوراقة في الأمور التي ذكرناها - فلذلك من الفوائد ما لا يخفى على ذي لب ، لأن الكاتب إذا أخرج المكتوب من يده بعد إتقانه وتحرير ألفاظه على ما استقر عليه الاصطلاح : من التقديم والتأخير ومتابعة الكلام وسياقته ، وترصيعه وترصيفه ، حسن موقعه ، وعذبت ألفاظه ، وأشرأبت له النفوس ، ولو بلغ الكاتب في الفقه والعربية واللغة ما عساه أن يبلغ ولم يدر المصطلح ، وخرج الكتاب من يده وقد حرره على قواعد الفقه والعربية من غير أن يسلك فيه طريق الكتاب واصطلاحهم ، مجته الأسماع ، ولم تقبله النفوس كل القبول ، وثقل على قارئه وسامعه ، والله أعلم .
ذكر صورة ما اصطلح عليه الكتاب من أوضاع الوراقة
فهذه لمعة كافية من فوائد ما قدمناه مما يحتاج الكاتب الشروطي إلى معرفته ، فلنذكر الآن صورة ما اصطلح عليه الكاتب من أوضاع الوراقة في الأمور التي قدمنا ذكرها على ما استقر عليه الحال في زماننا هذا ، مما يضطر إليه المبتدئ ، ولا يكاد يستغني عنه المنتهى ، فنقول : أول ما ينبغي أن يبدأ به الكاتب فيما يصدر عنه من جميع المكاتيب الشرعية حين ابتدائه بكتابه شيء منها أن يكتب :

الصفحة 7