كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 9)

"""""" صفحة رقم 96 """"""
وأما الإسجالات - فهي بحسب الوقائع ، وقد ذكرنا منها في أثناء ما قدمناه ما هو وارد في مواضعه ، فلنذكر ما لم نورده هناك ، فمن ذلك إسجال بثبوت العدالة . وقد استقرت القاعدة بين الناس في إسجالات العدالة أن يبتدئ الكاتب بخطبة يذكر فيها شرف العدالة وعلوها ، وارتفاع رتبتها وسموها ، ويصف المعدل بأوصاف تليق به بحسب حاله ورتبته ، وأصالته وأبوته ، ولا حجر على الكاتب فيما يأتى به من القرائن والفقر والكلام المسجوع ما لم يتعد به حق المنعوت ، أو يخرج به عن طوره ورتبته ، ويراعي مع ذلك قيود الشرع وضوابطه ، والكاتب فيها بحسب قدرته وتصرفه في أساليب الكلام وبراعة الاستهلال واختيار المعاني ، فإذا انتهى إلى آخر الخطبة وذكر أوصاف المعدل قال : فلذلك استخار الله تعالى سيدنا ومولانا العبد الفقير إلى الله تعالى قاضي القضاة ، حاكم الحكام ، وينعته بنعوته ، ويذكر مذهبه وولايته للدولة القاهرة السلطانية الملكية الفلانية ، بالولاية الصحيحة الشرعية ، المتصلة بالمواقف الشريفة النبوية ، الإمامية العباسية ، المستكفي أمير المؤمنين - أعز الله به الدين ، وأمتع ببقائه الإسلام والمسلمين - وأشهد على نفسه من حضر مجلس حكمه وقضائه ، وهو يومئذ نافذ القضايا والأحكام ماضي النقض والإبرام ، وذلك في اليوم المبارك ، ويكتب الحاكم التاريخ بخطه ، ثم يكتب الكاتب : أنه ثبت عنده وصح لديه بالبينة العادلة المرضية ، التي ثبتت بمثلها الحقوق الشرعية ، عدالة فلان - وينعته بما يستحقه - ثبوتاً ماضياً شرعياً معتبراً تاماً مرضياً ، وحكم بعدالته ، وقبول قوله في شهادته ، وأجاز ذلك وأمضاه واختاره وارتضاه ، وألزم ما اقتضاه مقتضاه ، وأذن سيدنا قاضي القضاة فلان لفلان المحكوم بعدالته في تحمل الشهادات وأدائها ، لتحفظ الحقوق على أربابها وأوليائها ، وسمع شهادته فقبلها وأجازها ، وأمره أن يرقم على حلل الطروس طرازها ، وبسط قلمه بسطاً كلياً ، ونصبه بين الناس عدلاً مبرراً مرضياً ، وأجراه مجرى أمثاله من العدول المبررين ، وسلك به مسلك الشهداء المتميزين ، وتقدم - أدام الله تعالى أيامه بكتابه هذا الإسجال ، فكتب عن إذنه الكريم في التاريخ المقدم ذكره أعلاه المكتتب بخطه الكريم ، شرفه الله تعالى . والكاتب في ذلك بحسب ما توصله إليه عباراته .

الصفحة 96