كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 10)

"""""" صفحة رقم 102 """"""
الجرذ ، يرفعه صعداً ، في طرفه شبه النّوّارة . ولونه لون الغزال . ويقال لولده درصٌ ، والجمع أدراص . قال أصحاب الكلام في طبائع الحيوان : كلّ دابة حشاها الله خبثاً فهي قصيرة اليدين . وهو يسكن بطن الأرض لتقوم رطوبتها له مقام الماء . وهو يؤثر النسيم ويكره البخار . وهو يتّخذ جحره على نشزٍ من الأرض ويحفره ، ويفتح له أبواباً على مهبّ الرياح وتسمّى النّافقاء والقاصعاء والدّامّاء والرّاهطاء . فإذا طلب من أحد هذه الأبواب خرج من الآخر . وهو يجترّ ويبعر . وله كرشٌ وأسنان وأضراس . وهو من الحيوان الذي ينقاد إلى رئيس منه . والرئيس منها إذا كان فيها يرتفع عنها فيكون في مكان مشرفٍ أو على صخرة ينظر منه إلى الطريق . فإن رأى ما يخاف عليها صرّ بأسنانه وصوّت ، فتسمعه فتنصرف إلى جحرتها ؛ وإن أغفل ذلك ورأت ما تخافه قبل أن يراه قتلته ، لتضييعه الحزم وغفلته ، ونصبت غيره لرياستها . وإن أرادت اليرابيع الخروج من جحرتها لطلب المعاش خرج الرئيس قبلها وأشرف ؛ فإذا لم ير ما يخافه عليها صرّ لها وصوّت فتخرج . قالوا : ويتولّد من اليربوع والفأرة ولدٌ يسمى القرنب .
فارة المسك فقال الجاحظ : إنها دويبّةٌ تكون في بلاد تبّت تصاد لنوافجها وسررها . فإذا اصطيدت عصبت سرتها بعصابٍ وهي مدلاّة فيجتمع فيها دمها ؛ فإذا اجتمع ذبحت ، ثمّ تقوّر السّرّة المعصوبة وتدفن في الشّعير حيناً فيستحيل ذلك الدّم المختنق الجامد مسكاً ذكياً بعد أن كان منتناً . يقال : إن هذه الفأرة توجد في بلاد الزّابج وتحمل إلى السّند ، وإن المسك يخرج من خصيتي ذكورها بالعصر ، ومن ضروع إناثها بالحلب . ويقال : إن الفأر الفارسيّ أطيب ريحاً من كلّ طيبٍ ، وربما ضاهى ريح المسك . وهو أجرد أشقر ، شعره إلى الصّفرة ، شديد كحل العين ، طويل الأذنين ، قصير الذّنب .
فارة الإبل فليست بحيوان ، وإنما هي رائحةٌ تسطع من الإبل عند صدورها من الورد ينتجها طيب الرّعي . قال الشاعر :
لها فأرةٌ ذفراء كلّ عشيّةٍ . . . كما فتق الكافور بالمسك فاتقه

الصفحة 102