كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 10)

"""""" صفحة رقم 105 """"""
ومن أصناف النمل صنفٌ يسمّى نمل الأسد ؛ سمّي بذلك لأن مقدّم النملة يشبه وجه الأسد ومؤخّرها كالنّمل . وزعم بعض من تكلّم في طبائع الحيوان أنه متولّد ، وأن أباه أكل لحماً ، وأمّه أكلت نباتاً ، فينتج بينهما على هذه الصفة .
وقد وصفه الشعراء ؛ فمن ذلك قول شاعر :
غزاةٌ يولّي الليث عنهنّ هارباً . . . وليست لها نبلٌ حدادٌ ولا عمد
قصار الخطا حمش القوائم ضمّر . . . مشمّرةٌ لا تشتكي الأين والحرد
وتعدو على الأقران في حومة الوغى . . . نشاطاً كما يعدو على صيده الأسد إذا ذكرت طيب الهياج تنفّست . . . تنفّس ثكلى قد أصيب لها ولد
كأكراد زنجانٍ تريد قضاضةً . . . وتلك الصّعاليك الغرائب في البلد
وفيهنّ أجناسٌ تشابهن صورةً . . . وباينّ في الهمّات واللون والجسد
فمنهنّ كمتٌ كالعناكيب أرجلاً . . . وساع الخطا قد زان أجيادها الغيد
إذا انتهزت طارت وإن هي خلّدت . . . رأت ورد أحواض المنايا من الرّشد
وسودٌ خفاف الجسم لو عضّت الصّفا . . . رأيت الصّفا من وقع أسنانها قدد
يفدن علينا مفسداتٍ جفاننا . . . وأزوادنا أبغض إلينا بما وفد
وقال أبو هلال العسكريّ :
وحيٍّ أناخوا في المنازل باللّوى . . . فصاروا به بعد القطين قطينا
إذا اختلفوا في الدار ظلّت كأنها . . . تبدّد فيها الريح بزر قطونا
إذا طرقوا قدري مع الليل أصبحت . . . بواطنها مثل الظواهر جونا
لهم نظرةٌ يسرى ويمنى إذا مشوا . . . كما مرّ مرعوبٌ يخاف كمينا
ومشون صفّاً في الديار كأنما . . . يجرّون خيطاً في التراب منينا
وفي كل بيتٍ من بيوتي قريةٌ . . . تضمّ صنوفاً منهم وفنونا

الصفحة 105