كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 10)

"""""" صفحة رقم 109 """"""
يتولّد من الريح والتراب أصغر وألطف ، وهو في الطّيب دون الآخر . ويكون بيض الريح من الدّجاج والقبج والحمام والطاوس والإوزّ . قال : وحضن الطائر وجثومه على البيض يكون صلاحاً لبدن الطائر كما يكون صلاحاً لبدن البيض . قال : وزعم ناسٌ أنّ بيض الرّيح إنما يكون عن سفادٍ متقدّمٍ . وذلك خطأ من وجهين : أمّا أحدهما ، فإن ذلك قد عرف من فراريج لم تر ديكاً قطّ . والآخر أن بيض الرّيح لم يكن منه فروخٌ قطّ . وبيض الصّيف المحضون أسرع خروجاً منه في الشتاء .
فهذه جملٌ من أحوال الطير فرّقها الجاحظ في كتابه في عدّة مواضع جمعناها وألّفنا بعضها إلى بعض . فلنذكر كلّ جنسٍ من الطير ، ونشرح ما يخصّه من الكلام وما قيل فيه . وغير الجاحظ قسّم الطير إلى أقسام ، فجعل منها سباعاً ، وكلاباً ، وبهائم ، وبغاثاً ، وليليّاً ، وهمجاً ؛ وعلى ذلك بوّبنا هذا القسم ؛ على ما تقف عليه إن شاء الله تعالى .
الباب الأوّل من القسم الخامس من الفن الثالث في سباع الطير
ويشتمل هذا الباب على ما قيل في العقاب والبزاة والصقور والشّواهين ، وأصناف ذلك ، وما يتصف به كلّ طير منها وما فه من الطبائع والعادة ، وما يصيد ، وما فيه من الأمارات الدّالّة على نجابته وفراهته ، وغير ذلك مما تقف عليه إن شاء الله تعالى .
ذكر ما قيل في العقاب
يقال : إنّ العقاب جميعه أنثى وليس فيه ذكر . ويسمى عند أهل اللغة العنقاء . وهي عقابٌ وزمّجٌ . فأما العقاب فيقال : إنّ ذكورها من طيرٍ آخر لطيف الجرم . وهي تبيض في الغالب ثلاث بيضاتٍ فيخرج لها فرخان . قال الجاحظ : ثم اختلفوا ، فقال بعضهم : لأنها لا تحضن إلاّ بيضتين ؛ وقال آخرون : قد تحضن ويخرج لها ثلاثة أفراخ ولكنها ترمي بالواحد استثقالاً للتكليف على ثلاثة ؛ وقال آخرون : ليس ذلك إلاّ لما يعتريها من الضعف عند الصيد ، كما يعتري النّفساء من الوهن والضعف . وهي

الصفحة 109