كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 10)

"""""" صفحة رقم 110 """"""
تحضن ثلاثين يوماً . وما عداها من الجوارح تبيض بيضتين في كل سنة وتحضن عشرين يوماً .
قالوا : وفي طبع الذكر انه يمتحن أنثاه هل هي محافظة له أو مؤاتية لغيره من غير جنسه ، بأن يصوّب نظر فرخيه إلى شعاع الشمس ، فإن ثبت عليه تحقّق أنها فراخه وأمسكها ، وإن نبا بصره عن شعاع الشمس ضرب الأنثى كما يضرب الرجل المرأة الزانية وطردها من ووكره ورمى الفرخين . والعقاب خفيفة الجناح ، سرية الطيران ، فهي إن شاءت ارتفعت على كل شيءٍ وإن شاءت كانت بقربه . يقال : إنها تتغذى بالعراق وتتعشى باليمن . وربما صادت حمر الوحش ، وذلك أنها إذا نظرت الحمار رمت نفسها في الماء حتى يبتل جناحاها ، ثم تتمرّغ في التراب وتطير حتى تقع على هامة الحمار ، ثم تصفّق على عينيه بجناحيها فتملؤهما تراباً ، فلا يرى الحمار أين يذهب فيؤخذ . وهي مولعة بصيد الحيّات . وفي طبعها قبل أن تتدرّب أنها لا تراوغ صيداً ولا تعنى فيطلبه ، ولا تزال موفيةً على شرفٍ عالٍ ؛ فإذا رأت سباع الطير قد صادت شيئاً انقضّت عليه ، فتتركه لها وتنجو بنفسها . ومتى جاعت لم يمتنع عليها الذئب . وهي شديدة الخوف من الإنسان . ويقال : إنها إذا هرمت وثقل جناحها وأظلم بصرها التمست غديراً ؛ فإذا وجدته حلّقت طائرةٌ في الهواء ثم تقع من حالقٍ في ذلك الغدير فتنغمس فيه مراراً ، فيصحّ جسمها ويقوى بصرها ويعود ريشها ناشئاً إلى حالته الأولى . وهي متى ثقلت عن النهوض أو عميت حملتها الفراخ على ظهورها ونقلتها من مكان إلى آخر لطلب الصيد وتعولها إلى أن تموت . ومن عجيب ما ألهمت أنها إذا اشتكت كبدها رفعت الأرانب والثعالب في الهواء وأكلت أكبادها فتبرأ . وهي تأكل الحيّات إلاّ رءوسها ، والطّير إلا قلوبها . قال امرؤ القيس :
كأنّ قلوب الطير رطباً ويابساً . . . لدى وكرها العنّاب والحشف البالي
ومنسرها الأعلى يعظم ويتعقّف حتى يكون ذلك سبب هلاكها ؛ لأنها لا تنال به الطّعم إذا كان كذلك . وأوّل من صاد بها أهل المغرب . وحكي أنّ قيصر أهدى إلى كسرى عقاباً ، وكتب إليه : علّمها فإنها تعمل عملاً أكثر من الصقور التي أعجبتك . فأمر

الصفحة 110