كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 10)

"""""" صفحة رقم 111 """"""
بها فأرسلت على ظبيٍ عرض لها فقدّته ، فأعجبه ما رأى منها ؛ ثم جوّعها ليصيد بها ، فوثبت على صبيّ من حاشيته فقتلته ؛ فقال كسرى : غزانا قيصر في بلادنا بغير جيش . ثم أهدى له نمراً وكتب إليه : قد بعثت إليك بما تقتل به الظّباء وما قرب منها من الوحش ؛ وكتم عنه ما صنعت العقاب . فأعجب به قيصر . فغفل عنه يوماً فافترس بعض فتيانه ؛ فقال : صادنا كسرى ؛ فإن كنّا صدناه فلا بأس . فلمّا اتّصل ذلك بكسرى قال : أنا أبو ساسان .
وأجود العقاب ما جلب من سرت وبلاد المغرب .
وقد وصفها الشعراء فمن ذلك ما قاله أبو الفرج الببّغاء :
ما كلّ ذات مخلبٍ وناب . . . من سائر الجارح والكلاب
بمدركٍ في الجدّ والطّلاب . . . أيسر ما يدرك العقاب
شريفة الصّبغة والأنساب . . . تطير من جناحها في غاب
وتستر الأرض عن السّحاب . . . وتحجب الشمس بلا حجاب
يظلّ منها الجوّ في اغتراب . . . مستوحشاً للطير كالمرتاب
ذكيّةٌ تنظر من شهاب . . . ذات جرانٍ واسع الجلباب
ومنكبٍ ضخمٍ أثيثٍ رابي . . . ومنسرٍ موثّق النّصاب
وراحتي ليث شرىً غلاّب . . . نيطت إلى براثنٍ صلاب
مرهفةٍ أمضى من الحراب . . . وكلّ ما حلّق في الضّباب
لملكها خاضعة الرّقاب
الزّمّج فهو الصّنف الثاني من العقاب ، ويعدّ من خفاف الجوارح . وهو سريع الحركة شديد الوثبة . ويوصف بالغدر . ومن عادته أنه يتلقّف الطائر كما يتلّقفه البازي ، ويصيد على وجه الأرض كما تصيد العقاب . ويحمد من خلقه أن يكون أحمر اللون ، ولا يحمد ما قرنص منه وحشيّاً .

الصفحة 111