كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 10)

"""""" صفحة رقم 117 """"""
وتيهاً . فهي على أيديها آيةٌ باديه ، ونعمةٌ من الله ناميه . تبذل لك الجهد صراحاً ، وتعيرك في نيل بغيتك جناحاً . وتتّفق معك في طلب الأرزاق ، وتأتلف بك على اختلاف الخلق والأخلاق . ثم تلوذ بك لياذ من يرجوك ، وتفي لك وفاءً لا يلتزمه لك ابنك ولا أخوك . ثم ذكر حمامةً صادها ، فقال : اختطفها أسرع من اللّحظ ، ولا محيد لها عنه ، وانحدر بها أعجل من اللّفظ ، وكأنها هي منه ؛ ثم جعل يتناولها بعقد السبعين ، ويدخلها في أضيق من التسعين . وكان لها موتاً عاجلاً ، وكانت له قوتاً حاصلاً . والله الهادي للصواب .
العفصيّ وهو الصنف الرابع من البازي . وهو من الباشق كالزّرّق من البازي ، إلا أنه أصغر الجوارح نفساً ، وأضعفها حيلةً ، وأشدّها ذعراً ، وأيبسها مزاجاً . وربما صاد العصفور وتركه لخوفه وحذره . ومن عادته أنه يرصد الطير أيام حضانه ، فإذا طار عن وكره خلفه فيه وكسر بيضه ورماه وباض مكانه وطار عنه فيحضنه صاحب الوكر ؛ فهو أبداً لا يحضن ولا يربّي .
البيدق وهو الصنف الخامس من البازي ، وهو لا يصيد غير العصافير . وقد وصفه كشاجم فقال :
حسبي من البزاة والزّرارق . . . ببيدقٍ يصيد صيد الباشق
مؤدّبٍ مدرّب الخلائق . . . أصيد من معشوقةٍ لعاشق
يسبق في السّرعة كلّ سابق . . . ليس له عن صيده من عائق
ربّيته وكنت عين الواثق . . . أنّ الفرازين من البيادق
ذكر ما قيل في الصقر
والصقر ثلاثة أصناف ، وهي صقرٌ ، وكونجٌ ، ويؤيؤٌ .
فأمّا الصقر فهو النوع الثالث من الجوارح . والعرب تسمّي كل طائرٍ يصيد صقراً ، ما خلا النّسر والعقاب ، وتسمّيه الأكدر والأجدل . وهو من الجوارح بمنزلة البغال من الدّوابّ ، لأنه أصبر على الشدّة وأشدّ إقداماً على جلّة الطير كالكراكيّ والحبارج . وقالوا : ومزاجه أبرد من سائر ما تقدّم ذكره من الجوارح وأرطب . وهو يضرّي على الغزال والأرنب ولا يضرّي على الطير لأنها تفوته . وفعله في صيده

الصفحة 117