كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 10)

"""""" صفحة رقم 120 """"""
الكونج وهو الصنف الثاني من الصقر . ويسمّى بمصر والشأم السّقاوية . ونسبته من الصقر كنسبة الزّرّق من البازي ، إلا أنه أحرّ منه ؛ ولذلك هو أخفّ منه جناحاً . وهو يصيد الأرنب ، ويعجز عن الغزال لصغره ؛ ويصيد أشياء من طير الماء . وشدّة نفسه أقلّ من شدّة بدنه ؛ ولأجل ذلك هو أطول في البيوت لبثاً ، وأصبر على مقاساة الشقاء من الصقر . وفي وصفه يقل بعض الشعراء :
إن لم يكن صقرٌ فعندي كونج . . . كأنّ نقش ريشه المدرّج
بردٌ من الموشّى أو مدبّج . . . فكم به للطير قلبٌ مزعج
ممزّقٌ بدمه مضرّج . . . بمثله عنّا الهموم تفرج
اليؤيؤ وهو الصّنف الثالث من الصقر . ويسمّيه أهل مصر والشأم الجلم لخفّة جناحيه وسرعتهما . وهو طائر قصير الذّنب . ومزاجه بالإضافة إلى الباشق باردٌ رطبٌ ، ولأنه أصبر منه نفساً وأثقل حركةً . ويشرب الماء شرباً ضروريّاً كما يشربه الباشق . ومزاجه بالنسبة إلى الصقر حرٌّ يابس ، ولذلك هو أشجع منه ، لأنه يتعلّق بما يفترسه ، ويصيد ما هو أجلّ منه كالدّرّاج . ويقال : إنّ أوّل من صاد به واتّخذه للّعب بهرام جور ؛ وذلك أنه شاهد يؤيؤاً يطارد قبّرةً ويراوغها ، ويرتفع معها إلى أن صادها ؛ فأعجبه واتخذه وصاد به .
وقال عبد الله النّاشي يصفه :
ويؤيؤٍ مهذّبٍ رشيق . . . كأنّ عينيه على التحقيق
فصّان مخروطان من عقيق
وقال أبو نواس :
قد أغتدي والصبح في دجاه . . . كطرّة البرد على مثناه
بيؤيؤٍ يعجب من رآه . . . ما في اليآي يؤيؤٌ شرواه
أزرق لا تكذبه عيناه . . . فلو يرى القانص ما يراه
فدّاه بالأمّ وقد فدّاه
وقال أبو إسحاق الصّابي يصفه من رسالة :

الصفحة 120