كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 10)

"""""" صفحة رقم 123 """"""
ممتدّة الأعناق والأوراك . . . موقنةً بعاجل الهلاك
غادرها تهوي على الدّكاك . . . أسى بكفّيه بلا فكاك
يا غدوات الصيد ما أحلاك . . . ومنّة الشاهين ما أقواك
لم تكذبي فراسة الأملاك . . . إيّاك أعني مادحاً إيّاك
الأنيقيّ
وهو الصّنف الثاني من الشاهين . وتسميه أهل العراق الكرك . وهو دون الشاهين في القوّة ، إلا أنّ فيه سرعة . وهو يصيد العصافير . وفيه يقول الشاعر :
غنيت عن الجوارح بالأنيقي . . . بمثل الرّيح أو لمع البروق
أصبّ به على العصفور حتفاً . . . فأرميه بصخرة منجنيق
القطاميّ وهو الصّنف الثالث من الشاهين ، وتسميه أهل العراق البهرجة . يقال : إنه في طبع الشاهين ، والعرب تخالف ذلك ، وتسمّى بعض الصقور القطاميّ ؛ والمعتنون بالجوارح يخالفونهم في ذلك .
فصل
مما ناسب الجوارح في الافتراس وأكل اللحم الحيّ الصّرد ، ويسمّى الشّقّراق والأخطب والأخيل . وقيل : إنّ من أسمائه الواق وبعضهم يسمّيه بازي العصافير . وهو طائر مولّعٌ بسواد وبياضٍ ، ضخم المنقار . وفي طبعه شرهٌ وشراسة وسرقةٌ لفراخ غيره ونفورٌ من الناس . وهو يصيد الحيّات ويغتذي باللّحم ، ويأوي الأشجار ذوات الشّوك وفي رءوس التّلاع ، حذراً على نفسه ممن يصيده . وهو يتحيّل في صيد ما دونه من الطير كالعصفور .
هذا ما ظفرت به في أثناء المطالعة من سباع الطير ممّا تكلّم عليه أرباب هذا الفن . وقد أهملوا أصنافاً ، منها ما هو أجلّ من جميع ما ذكرناه ، وهو السّنقر .
والسّنقر ، طائر شريف ، حسن الشّكل ، أبيض اللّون بنقط سود . والملوك تتغالى فيه وتشتريه بالثمن الكثير . وكان فيما مضى من السنين القريبة يشترى من التّجار بألف دينار ؛ ثم تناقص ثمنه حتى استقرّ الآن بخمسة آلاف درهم . ولهم عادةٌ : أنّ التّجار إذا حملوه وأتوا به من بلاد الفرنج فمات منهم في الطريق قبل وصولهم أحضروا ريشه إلى أتوا بالملوك ، فيعطون نصف ثمنه إذا أتوا به حيّاً ؛ كل ذلك ترغيباً لهم في حملها

الصفحة 123