كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 10)

"""""" صفحة رقم 131 """"""
يخطرن في برانسٍ قشوب . . . من حبرٍ ظوهرن بالتّذهيب
فهنّ أمثال النّصارى الشّيب
الطاوس فهو ألوان منها الأخضر ، والأرقط ، والأبيض ؛ ويوجد في كلها الخيلاء . ولا تعرف هذه الألوان إلا في بلاد الزّابج . وفي طبع الطاوس الخيلاء والإعجاب بريشه . والأنثى تبيض بعد أن يمضي من عمرها ثلاث سنين . ولا يحصل التلوّن في ريش الذّكر إلا بعد مضيّ هذه المدّة . وتبيض الأنثى مرتين في السنة ، في كل مرّة اثنتي عشرة بيضة .
وقال الجاحظ : أوّل ما تبيض ثماني بيضات ، وتبيض أيضاً بيض الرّيح . ويسفد الذّكر في أوان الربيع . ويلقي ريشه في فصل الخريف ، كما يلقي الشجر ورقه فيه ؛ فإذا بدأت الأشجار تكتسي الأوراق بدأ الطاوس فاكتسى ريشاً . والذكر كثير العبث بالأنثى . والفرخ يخرج من البيضة كاسياً كاسباً .
وزعم أرسطو أن الطاوس يعمّر خمساً وعشرين سنة . وقال أبو الصّلت أمية بن عبد العزيز الأندلسيّ يصفه :
أبدى لنا الطوس عن منظرٍ . . . لم تر عيني مثله منظرا
متوّج المفرق إلاّ يكن . . . كسرى بن ساسان يكن قيصرا
في كل عضو ذهبٌ مفرغٌ . . . في سندسٍ من ريشه أخضرا
نزهة من أبصر ، في طيّها . . . عبرة من فكّر واستبصرا
تبارك الخالق في كلّ ما . . . أبدعه منه وما صوّرا
وقال فيه أيضاً :
أهلاً به لمّا بدا في مشيه . . . يختال في حللٍ من الخيلاء
كالرّوضة الغنّاء أشرف فوقه . . . ذنبٌ له كالدّوحة الغنّاء
ناديته لو كان يفهم منطقي . . . أو يستطيع إجابةً لندائي
يا رافعاً قوس السماء ولابساً . . . للحسن روض الحزن غبّ سماء
أيقنت أنك في الطيور مملّك . . . لمّا رأيتك منه تحت لواء
وقال أبو الفتح كشاجم من قصيدة ذكر فيها طاوساً :
وأيّ عذر لمقالة بعد الطّاوس عنها إن لم تفض بدم

الصفحة 131