كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 10)

"""""" صفحة رقم 133 """"""
الطبيعة : يأكل اللّحم ، ويحسو الدّم ، ويصيد الذّباب ، وذلك من طباع الجوارح ؛ ويلقط الحبوب ، ويأكل البقول ، وذلك من طباع بهائم الطير . والله أعلم بالصواب .
ذكر ما جاء في الدّيكة في الأحاديث وما عدّ من فضائلها وعاداتها ومنافعها
جاء في الحديث عن عبيد الله بن عتبة : أنّ ديكاً صرخ عند النبيّ ( صلى الله عليه وسلم ) ، فسبّه بعض أصحابه ، فقال : " لا تسبّه فإنّه يدعو إلى الصلاة " . وعن زيد بن خالد الجعفيّ : أن النبيّ ( صلى الله عليه وسلم ) نهى عن سبّ الدّيك وقال : " إنّه يؤذّن للصلاة " . وعن سالم بن أبي الجعد يرفعه : أنّ النبيّ ( صلى الله عليه وسلم ) قال : " إنّ ممّا خلق الله لديكاً عرفه تحت العرش وبراثنه في الأرض السّفلى وجناحاه في الهواء فإذا ذهب ثلثا الليل وبقي ثلثٌ ضرب بجناحيه ثم قال سبّحوا الملك القدّوس سبّوح قدّوس لا شريك له فعند ذلك تضرب الطير بأجنحتها وتصيح الدّيكة " . وعن كعب : " إنّ لله ديكاً عنقه تحت العرش وبراثنه في أسفل الأرض فإذا صاح صاحت الدّيكة يقول سبحان القدّوس الملك الرحمن لا إله غيره " . وروي عن النبيّ ( صلى الله عليه وسلم ) أنه قال : " إنّ الدّيك الأبيض صديقي وعدوّ عدوّ الله يحرس دار صاحبه وسبع دور " . وكان النبيّ ( صلى الله عليه وسلم ) يبيّته معه في البيت . وروي أنّ أصحاب النبيّ ( صلى الله عليه وسلم ) كانوا يسافرون بالدّيكة .
قال الجاحظ : وزعم أصحاب التّجربة أن كثيراً ما يرون الرجل إذا ذبح الدّيك الأبيض الأفرق إنه لا يزال ينكب في أهله وماله .
وقال في كتاب الحيوان في المناظرة بين الدّيك والكلب : وفي الديك الشّجاعة والصبر والجولان والثّقافة والتّسديد ؛ وذلك أنه يقدّر إيقاع صيصيته بعين الديك الآخر أو مذبحه فلا يخطئ . قال : ثم معرفته بالليل وساعاته وارتفاق بني آدم بمعرفته وصوته ، يتعرّف آناء الليل وعدد الساعات ومقادير الأوقات ثم يقسّط أصواته على ذلك تقسيطاً موزوناً لا يغادر منه شيئاً . فليعلم الحكماء انه فوق الإسطرلاب وفوق مقدار الجزر والمدّ على منازل القمر ، حتى كأن طبعه فلكٌ على حدته .
زمن عجيب أحوال الدّيكة أنها إذا كانت في مكان ثم دخل عليها ديكٌ غريب سفدته جميعاً . والدّيك يضرب به المثل في السخاء ، وذلك أنه ينقر الحبّ ويحمله بطرفي منقاره إلى الدّجاج ، فإذا ظفر بشيء من الحبّ والدّجاج غيبٌ دعاهنّ إليه وقنع

الصفحة 133