كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 10)

"""""" صفحة رقم 136 """"""
فذلك ممّا أسهت الخمر لبّه . . . ونادم ندماناً من الطير عاديا ومن الحكايات التي لا بأس بإيرادها في هذا الموضع ما حكاه الجاحظ قال : قال أبو الحسن : حدّثني أعرابيٌّ كان نزل البصرة قال : قدم عليّ أعرابيٌّ من البادية فأنزلته ، وكان عندي دجاجٌ كثير ولي امرأةٌ وابنان وابنتان منها ؛ فقلت لامرأتي : بادري واشوي لنا دجاجةً وقدّميها غلينا نتغذّها . فلما حضر الغداء جلسنا جميعاً أنا وامرأتي وابناي وابنتاي والأعرابيّ . قال : فدفعنا إليه الدجاجة فقلنا له : اقسمها بيننا ، نريد بذلك أن نضحك منه ؛ فقال : لا أحسن القسمة ، فإن رضيتم بقسمتي قسمتها بينكم ؛ قلنا : فإنّا نرضى . فأخذ رأس الدجاجة فقطعه وناولنيه وقال : الرأس للرئيس ، وقطع الجناحين وقال : الجناحان للابنين ، ثم قطع الساقين وقال : الساقان للابنتين ، ثم قطع الزّمكّي وقال : العجز للعجوز ، وقال : الزّور للزّائر ؛ قال : فأخذ الدّجاجة بأسرها وسخر بنا . قال : فلمّا كان من الغد قلت لامرأتي : اشوي لنا خمس دجاجات فلما حضر الغداء قلنا له : اقسم بيننا ؛ فقال : إني أظن أنكم وجدتم في أنفسكم ؛ قلنا : لم نجد فاقسم بيننا ؛ قال : أقسم شفعاً أو وتراً ؟ قلنا : اقسم وتراً ؛ قال : أنت وامرأتك ودجاجة ثلاثة ، ثم رمى إلينا بدجاجة ؛ ثم قال : وابناك ودجاجة ثلاثة ، ورمى إليهما بدجاجة ؛ ثم قال : وابنتاك ودجاجة ثلاثة ، ورمى إليهما بدجاجة ؛ ثم قال : وأنا ودجاجتان ثلاثة وأخذ دجاجتين وسخر بنا . فرآنا ننظر إلى دجاجتيه فقال : ما تنظرون لعلكم كرهتم قسمتي الوتر لا يجيء إلا ؟ ّ هكذا ، فهل لكم في قسم الشّفع ؟ قلنا نعم ؛ فضمّهنّ إليه ثم قال : وأنت وابناك ودجاجة أربعة ، ورمى إلينا بدجاجة ؛ ثم قال : والعجوز وابنتاها ودجاجة أربعة ، ورمى إليهنّ بدجاجةٍ ؛ ثم قال : وأنا وثلاث دجاجات أربعة وضمّ إليه الثلاث ، ورفع يديه إلى السماء فقال : اللهمّ لك الحمد ، أنت فهّمتنيها . هكذا ساقها أبو عمرو بن بحر الجاحظ . وحكى غيره هذه الحكاية عن الأصمعيّ وفيها زيادةٌ ، قال : حكى الأصمعيّ : بينا أنا في البادية إذا أنا بأعرابيّ على ناقةٍ وهي ترقص به في الآل ؛ فلمّا دنا منّي سلّم عليّ ، فسلّمت عليه وقلت : يا أخا العرب
قوم بخفّان عهدناهم . . . سقاهم الله من النّو
ما النّو ؟ فقال :

الصفحة 136