كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 10)

"""""" صفحة رقم 144 """"""
حمر الحداق كحل الحمالق . . . كأنما يجلن في مخانق
الإوزّ والإوزّ ثلاثة أصناف : بطائحيّ وهو الطويل الأسود بزرقة ، وتركيّ وهو المدوّر المائل إلى البياض ، وخبيّ وهو الضخم الكبير منها . ويقال : إن الإوز إذا فرغ من السّفاد وسبح في الماء فإنما يفعل ذلك لتمام اللّذة . والأنثى تحضن بيضها ثلاثين يوماً . والذكور تحنو على الفراخ . ولكلّ منها قضيبٌ يسفد به كالبطّ . والإوزّ البطائحيّ ، وهو المعروف بمصر بالعراقيّ ، يخالف الحبيّ في الصياح ؛ لأن الخبيّ تصيح ذكورها ولا تصيح إناثها ، والبطائحيّ بخلاف ذلك . والخبيّ من الطير الأوابد التي لا تبرح من الأماكن التي تربّى فيها لثقل أجسامها ، وإذا نهضت فلا ترتفع من الأرض إلاّ يسيراً . والعراقيّات من الطير القواطع التي تنتقل من مكان إلى آخر ، وترى في وقت دون وقتٍ .
وقال ابن رشيق يصف فحل إوزٍّ :
نظرت إلى فحل الإوزّ فخلته . . . من الثّقل في وحلٍ وما هو في وحل
ينقّل رحليه على حين فترةٍ . . . كمنتعلٍ لا يحسن المشي في النّعل
له عنقٌ كالصّولجان ومخطمٌ . . . حكى طرف العرجون من يانع النّخل
يداخله زهوٌ فيحلظ من علٍ . . . جوانبه ألحاظ متّهم العقل
يضمّ جناحيه إليه كما ارتدى . . . رداءً جديداً من بني البدو ذو جهل
البطّ وهو أصناف : منها الوحشيّ ، والأهليّ . ومن الوحشيّ اللّقلق ؛ ومن الأهليّ الصّينيّ . وفراخه تخرج كاسيةً كاسبةً . وقيل : إن بالزّابج بطّاً بيضاً وحمراً ورقطاً طوال الأعناق قصر الأرجل . والبط يطير على وجه الماء ، وليس من طير الماء ، لأنه لا يأويه دائماً ولا يغتذي بالسمك . وهو يأكل النبات والبذور ؛ وله قضيبٌ يخرج من دبره كذكر الكلب عظيمٌ جدّاً بالنسبة إليه ؛ في رأسه زرٌّ كالفلكة ؛ فإذا سفد لم يخرجه حتى ينقلب لجنبه ؛ ويحصل له عند السّفاد من الالتحام ما يحصل للكلب .
وقال أبو عليّ بن سينا : وطبع البطّ حارٌّ أسخن من جميع الطيور الأهلية . قال :

الصفحة 144