كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 10)

"""""" صفحة رقم 145 """"""
قال بعضهم : وهو يسخّن المبرود ويورث المحرور حمّى . قال : وشحمه عظيم في تسكين الوجع وتسكين اللذع من عمق البدن ؛ وهو أفضل شحوم الطير . ولحمه يكثر الرّياح ، وقانصته كثير الغذاء ، ولحمه يسمّن ، وهو بطيءٌ في المعدة ثقيلٌ ، وإذا انهضم كان أغذى من جميع لحوم الطير ؛ وهو يزيد في الباه ويكثر المنيّ . النّحام قالوا : والنّحام يكون أفراداً وأزواجاً . وإذا أراد المبيت اجتمع رفوفاً فنام ذكوره ولا تنام إناثه . وتعدّ لها مباتاتٍ ، إذا ذعرت في واحد منها طارت إلى آخر . ويقال : إنه لا يسفد ولا يخرج فراخه بالحضن وإنما تبيض الأنثى من زقّ الذكر . وإذا باضت تغرّبت وبقي الذّكر عند البيض يذرق عليه ليس إلاّ ، فيقوم مقام الحضن . فإذا تمّت مدّة ذلك خرجت الفراخ لا حراك بها ؛ فتجيء الأنثى فتنفخ في مناقيره حتى يجري ذلك النفخ فيها روحاً ، ثم يتعاون الذّكر والأنثى جميعاً على التربية . وإذا قويت الفراخ على الطّعم وأمكنها التكسّب لنفسها طردها الذّكر .
الأنيس فقال أرسطو : إنّه حادّ البصر ، وصوته يشبه صوت الجمل ويحاكيه . ومأواه في قرب الأنهار وفي الأماكن الكثيرة المياه الملتفّة الشجر . وله لونٌ حسنٌ وتدبيرٌ في معاشه . والناس يتغالون به إذا وقع لهم ويجعلونه في بيوتهم .
وأمّا القاوند وما قيل فيه ، قال صاحب كتاب مباهج الفكر ومناهج العبر في كتابه : كنت أسمع بشحم القاوند ولم أدر ما هو : حيوانٌ هوائيّ أم مائيّ أم أرضيّ ، حتى وقفت على كتابٍ موضوعٍ في طبائع الحيوان وخواصّه ليس عليه اسم المصنّف ، فرأيته قد قال : القاوند طائر يتّخذ وكره على ساحل البحر ويحضن بيضه سبعة أيّامٍ ، وفي اليوم السابع يخرج فراخه ثم يزقّها سبة أيام . والمسافرون في البحر يتيّمنون بهذه الأيام ويوقنون بطيب الرّيح وحلول أيام السفر .
الخطّاف والخطّاف يسمّى زوّار الهند . وهو من الطيور القواطع التي تقطع البلاد البعيدة إلى الناس رغبةً في القرب منهم والإلف بهم ، وهو مع ذلك لا يبني بيته إلاّ في أبعد المواضع حيث لا تناله أيديهم . ومن عجيب حاله أنّ عينه تقلع فترجع ؛ وهو لا يرى أبداً يقف على شيءٍ يأكله ، ولا يرى يسافد ولا يجتمع بأنثاه . والأنثى تبيض مرّةً واحدةً في السنة ، وقيل : مرتين ؛ وكلاهما قاله الجاحظ .

الصفحة 145