كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 10)

"""""" صفحة رقم 15 """"""
فصل ، والعلامات الجامعة لنجابة الفرس الدالّة على جودته ، ما ذكره أيّوب ابن القرّيّة وقد سأله الحجّاج عن صفة الجواد من الخيل فقال : القصير الثلاث ، الطويل الثلاث ، الرّحب الثلاث ، الصافي الثلاث . فقال : صفهنّ ؛ فقال : أما الثّلاث الطّوال فالأذن والعنق والذّارع . وأما الثلاث القصار فالظّهر والسّاق والعسيب . وأما الثلاث الرّحبة فالجبهة والمنخر والجوف . وأما الثلاث الصافية فالأديم والعينان والحافر . وقد جمع بعض الشعراء ذلك في بيت واحد فقال :
وقد أغتدي قبل ضوء الصّباح . . . وورد القطا في الغطاط الحثاث
بصافي الثّلاث عريض الثلاث . . . قصير الثلاث طويل الثلاث
وهذه الحكاية أيضاً نقلت عن صعصعة بن صوحان وقد سأله معاوية : أيّ الخيل أفضل ؟ فقال : الطويل الثلاث ، والعريض الثلاث ، القصير الثلاث ، الصافي الثلاث . قال معاوية فسّر لنا ؛ قال : أما الطويل الثلاث فالأذن والعنق والحزام . وأما القصير الثلاث فالصّلب والعسيب والقضيب . وأما العريض الثلاث فالجبهة والمنخر والورك . وأما الصافي الثلاث فالأديم والعين والحافر .
وقال عمر بن الخطّاب رضي الله عنه لعمرو بن معد يكرب : كيف معرفتك بعراب الخيل ؟ قال : معرفة الإنسان بنفسه وأهله وولده ؛ فأمر بأفراسٍ فعرضت عليه ؛ فقال : قدّموا إليها الماء في التّراس ، فمن شرب ولم يكتف فهو من العراب ، وما ثنى سنبكه فليس منها .
وقيل : أهدى عمرو بن العاص لمعاوية بن أبي سفيان ثلاثين فرساً من خيل مصر ؛ فعرضت عليه وعنده عتبة بن سفيان بن يزيد الحارثي ؛ فقال له معاوية : كيف ترى هذه يا أبا سفيان ؟ فإن عمراً قد أطنب في وصفها ؛ فقال : أراها يا أمير المؤمنين كما وصف ؛ وإنها لسامية العيون ، لاحقة البطون ؛ مصغية الآذان ، قباّء الأسنان ؛ ضحام الرّكبات ، مشرفات الحجبات ؛ رحاب المناخر ، صلاب الحوافر ؛ وضعها تحليل ، ورفعها تقليل ؛ فهي إن طلبت سبقت ، وإن طلبت لحقت . فقال معاوية :

الصفحة 15