كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 10)

"""""" صفحة رقم 151 """"""
غيمٌ وظلماء وغيث سحابةٍ . . . أزمان كفّن واستراد الهدهد
يبغي القرار لأمّه ليجنّها . . . فبنى عليها في قفاه يمهد
مهداً وطيئاً فاستقلّ بحمله . . . في الطير يحملها ولا يتأوّد من أمّه فجزي بصالح حملها . . . ولداً وكلّف ظهره ما يعقد
فتراه يدلج ماشياً بجنازةٍ . . . بقفاه ما اختلف الجديد المسند
وزعم صاحب الفراسة : أن سبب نتنه أنّه يطلب الزّبل ؛ فإذا وجده نقل منه وابتنى بيتاً منه ؛ فإذا طال مكثه في البيت ، وفي مثله ولد ، اختلط ريشه وبدنه بتلك الرائحة فورث ابنه النّتن ، كما ورثه هو من أبيه ، وكما ورثه أبوه من جدّه . قال شاعرٌ .
وأنتن من هدهدٍ ميّتٍ . . . أصيب فكفّن في جورب
ويقال عنه : إنه يرى الماء في باطن الأرض كما يراه الإنسان في باطن الزّجاج . وزعموا : أنه كان دليل سليمان عليه السلام على الماء ولذلك تفقّده ، على أحد أقوال المفسرين لكتاب الله تعالى .
وقال الجاحظ فيه : إنه وفيٌّ حفوظٌ ؛ وذلك أن الذكر إذا غابت عنه أنثاه لم يأكل ولم يشرب ، ولا يزال يصيح حتى تعود إليه ، فإن لم تعد لا يسفد بعدها أنثى أبداً ، ولا يزال يصيح عليها ما عاش ، ولم ينل بعدها من طعم بل ينال منه ما يمسك رمقه .
ووصفه أبو الشّيص فقال :
لا تأمننّ على سرّي وسرّكم . . . غيري وغيرك أوطىّ القراطيس
أو طائرٍ سأجلّيه وأنعته . . . ما زال صاحب تنقير وتدسيس
سودٍ براثنه ميلٍ ذوائبه . . . صفرٍ حمالقه في الحسن مغموس
قد كان همّ سليمانٌ ليذبحه . . . لولا سعايته في ملك بلقيس
وقال آخر من أبيات :
كأنّه إذ أتاه من قرى سبإٍ . . . مبشّراً قد كساه تاج بلقيس
يبدو له فوق ظهر الأرض باطنها . . . كما تبدّت لنا الأقذاء في الكوس
العقعق ويسمى العقعق أيضاً كندشاً . وهو طائرٌ لا يأوي

الصفحة 151