كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 10)

"""""" صفحة رقم 153 """"""
وقال حسّان بن ثابت :
لا بأس بالقوم من طولٍ ومن عظمٍ . . . جسم البغال وأحلام العصافير
وأما عصفور الشّوك فزعم أرسطو أنّ بينه وبين الحمار عداوةً ، لأن الحمار إذا كان به دبرٌ حكّه بالشّوك الذي يأوي إليه هذا العصفور فيقتله ؛ وربما نهق الحمار فتسقط فراخه أو بيضه خوفاً منه ؛ فلذلك هذا العصفور إذا رأى الحمار رفرف فوق رأسه وعلى عنقه وآذاه ونقره في عقره أنّى كان .
وأما عصفور النّيلوفر وهو لا يوجد غالباً إلا بثغر دمياط ، وشأنه غريب ، وذلك أنه عصفورٌ صغير جدّاً ، فإذا كان قبل غروب الشمس جاء إلى برك النّوفر فيجد النّوفرة وهي طافحةٌ على وجه الماء مفتوحة فيقعد في وسطها ، فإذا حصل فيها انطبقت عليه وانغمست في الماء طول الليل ؛ فإذا طلعت الشمس طفت النّوفرة على وجه الماء وانفتحت ، فيخرج منها ويطير إلى غروب الشمس ، فيأتي ويفعل كفعله .
القبّرة
فقد عدّوها من أنواع العصافير .
وهي غبراء كبيرة المنقار على رأسها قبّرةٌ . وهذا الضرب قاسي القلب . وفي طبعه أنّه لا يهوله صوت صائحٍ به ، وربّما رمي بالحجر فاستخفّ بالرامي ولطئ إلى الأرض حتى يتجاوزه الحجر . وهوي ضع وكره على الجادّة رغبةً في الأنس بالناس .
حسّون
وتسميه أهل الأندلس أمّ الحسن والمصريون السقاية لأنه إذا كان في القفص استقى الماء من إناء بآلةٍ لطيفةٍ يوضع له فيها خيطٌ ، فتراه يرفع الخيط بإحدى رجليه ويضعه تحت رجله الأخرى حتى يصل إليه ذلك الإناء اللطيف فيشرب منه . وهو ذو ألوانٍ حنة التركيب والتأليف من الحمرة والصفرة والسواد والبياض والخضرة والزّرقة . وله صوتٌ حسنٌ مطربٌ . ووصفه أبو هلال العسكريّ فقال :
ومفتّنة الأوان بيضٍ وجوهها . . . ونمرٍ تراقيها وصفرٍ جنوبها
كأنّ دراريعاً عليها قصيرةً . . . مرقّعةً أعطافها وجيوبها
وأما البلبل وهو العندليب ، وتسميه أهل المدينة النّغر . وهو طائرٌ أغبر الرأس لطيف القدّ ، مأواه الشجر .
قال الجاحظ : البلبل موصوفٌ بحسن الصوت والحنجرة . ومن شأنه إذا كان غير

الصفحة 153