كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 10)

"""""" صفحة رقم 154 """"""
حاذقٍ أن يطارحه إنسان بشكل صوته ، فيتدرّب ويتعلّم ويحسن صوته . وقد وصف أبو هلال العسكريّ البلابل فقال :
مررت بدكن القمص سود العمائم . . . تغنّي على أطراف غيدٍ نواعم
زهين بأصداغ تروق كأنّها . . . نجومٌ على أعضاد أسود فاحم
ترى ذهباً منهنّ تحت مآخرٍ . . . لها ولجيناً نطنه بالقوادم
وقال آخر :
كيف ألحي وقد خلعت على الله . . . و وعذاري وقد هتكت قناعي
وتعشّقت بلبلاً أنا منه . . . في انزعاج إلى الصّبا والتياع
أنا من ريشه المدبّج في زه . . . رٍ ومن شجو صوته في سماع
ومن رسالة ذكره العماد الأصفهانيّ الكتب في الخريدة ، وهي لبعض فضلاء أصبهان ، ذكر فيها وصف الرّياض ومفاخرة الرّياحين ، وفضّل فيها الورد ، وانتهى بعد ذكر الورد إلى وصف البلابل ، فقال : فلما ارتفع صدر النّهار ، وانقطع جدال الأزهار ؛ سمع من خلل الحديقة زقزقة عندليب ، قد اتخذ وكراً على حاشية قليب ؛ كان يستتر به عن الجمع ، ويجعله دريئةً لاستراق السّمع . وحين أتقن ما وعاه ، وأودعه سمعه وأرعاه ؛ انتحى غصناً رطيباً ، فأوفى عليه خطيباً ؛ ثم قال : يا فتنة الخليقه ، لقد جئت بالشّنعاء الفليقه ؛ وربّ بسمٍ استحال احتداماً ، ولن تعدم الحسناء ذاماً . إلام ترفل في دلال زهوك ، وتغفل عن رذائل سهوك وحتّام تتيه على الأكفاء والأقران ، كأنّك أنت صاحب القرآن ألست من عجبك بنفسك ، واسترابتك بأبناء جنسك ؛ لا تزال مشتملاً شوك الغصون ، معتصماً منها بأشباه المعاقل والحصون . لكنك متى انقضى مهبّ الشّمال ، وعدل عن اليمين إلى الشّمال ؛ خيف عليك نفح الإحراق ، وتعرّيت من حلل الأوراق ؛ وأصبحت للأرض فراشاً ، وتلعّب بك الهواء فعدت فراشاً . ثم ما قدر جورتك حتى تجور وهل ينتج حضوره إلا الفجور . هذا إذا كنتم على الأصل الثابت ، وعرفتم في

الصفحة 154