كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 10)

"""""" صفحة رقم 157 """"""
في كلّ يوم . وأمّا رحمته فإنه يربيّ ولده ويعفّ عن أنثاه ما دام ولده صغيراً . ومن عادته أنه يعمل عشّه في طرف فننٍ دائم الاهتزاز ، احترازاً على فراخه لئلا يسعى إليه من الحيوان الماشي ما يقتله .
وقال أبو الفتح كشاجم يصفه من أبيات رثاه بها أوّلها :
ومطوّقٍ من حسن صنعة ربه . . . طوقيه خلتهما من النّوّار
ومنها :
لهفي على القمريّ لهفاً دائماً . . . يكوي الحشا بجوىً كلذع النار
لون الغمام لونه ومناسبٌ . . . في خلقه الأقلام بالمنقار
الدّبسيّ وإنما سمّي الدّبسيّ بذلك للونه ، لأنّ الدّبسة حمرةٌ في سواد . قالوا : والدّبسيّ أصناف ، منها المصريّ ، والحجازيّ ، والعراقيّ . وأفخر هذه الأصناف المصريّ ولونه الدكنة . وهو لا يرى ساقطاً على وجه الأرض ، بل له في الشتاء مشتىً ، وفي الصيف مصيفٌ . ولا يعرف له وكر .
الورشان وما قيل فيه ، والورشان أصناف منها النّوبيّ وهو ورشان أسود ؛ ومنها الحجازيّ . والنوبيّ أشجاها صوتاً . وهذا الطائر يوصف بالحنوّ على أولاده ، حتى إنه ربما قتل نفسه إذا رآها في يد القانص .
وقال أبو بكر الصّنوبريّ فيه :
أنا في نزهتين من بستاني . . . حين أخلو به ومن ورشان
طائرٌ قلب من يغنّيه أولى . . . منه عند الغناء بالطّيران
مسمع يودع المسامع ما شا . . . ئت وما لم تشأ من الألحان
في رداءٍ من سوسنٍ وقميصٍ . . . زرّرته عليه تشرينان
قد تغشّى لون اسماء قراه . . . وتراءى في جيده الفرقدان
الفواخت والفواخت عراقيّةٌ ليست حجازيّة . وفيها فصاحةٌ وحسن صوت . وفي طبعها أنها تأنس بالناس ، وتعشّش في الدّور . والعرب تضرب بها في الكذب المثل ، فيقولون : " أكذب من فاختةٍ " ؛ فإنّ حكاية صوتها عندهم : " هذا أوان الرّطب " . قال شاعرٌ :
أكذب من فاختةٍ . . . تقول وسط الكرب

الصفحة 157