كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 10)

"""""" صفحة رقم 159 """"""
وأصفر ؛ وظهورها غبرٌ رقطٌ تعلوها صفرةٌ . وتسمّى الجونيّة غتماً ؛ لأنها لا تفصح بصوتها إذا صوّتت إنما تغرغر بصوتٍ في حلقها . والكدريّة فصيحةٌ تنادي باسمها تقول : قطا قطا ؛ ولهذا يضرب بها المثل في الصدق . وتوصف القطا بحسن المشي لتقارب خطاها . والعرب تشبّه مشي النّساء الخفرات بمشيها إذا أرادوا مدحهنّ . قال شاعر يصف القطاة ، واختلف في الشاعر من هو ، فقيل : هو أوس بن غلفاء الهجيميّ ، وقيل : مزاحم العقيلي ، وقيل : العباس بن يزيد بن الأسود الكنديّ ، وقيل : العجير السّلوليّ ، وقيل : عمرو بن عقيل بن الحجّاج الهجيميّ ؛ قال أبو الفرج الأصفهانيّ : وهو أصحّ الأقوال ، :
أمّا القطاة فإنّي سوف أنعتها . . . نعتاً يوافق نعتي بعض ما فيها
سكّاء مخطوبةٌ في ريشها طرقٌ . . . سودٌ قوادمها صهبٌ خوافيها
منقارها كنواة القسب قلّمها . . . بمبردٍ حاذق الكفّين باريها
تمشي كمشي فتاة الحيّ مسرعة . . . حذار قومٍ إلى سترٍ يواريها
تسقي الفراخ بأفواهٍ مرقّقةٍ . . . مثل القوارير سدّت من أعاليها
كأن هيدبة من فوق جؤجئها . . . أو جرو حنظلةٍ لم يعد راميها
وقال إبراهيم بن خفاجة الأندلسيّ :
ولربّ طيّارٍ خفيفٍ قد جرى . . . فشلاً بجارٍ خلفه طيّار
من كلّ قاصرة الخطا مختالةٍ . . . مشي الفتاة تجرّ فضل إزار
مخضوبة المنقار تحسب أنها . . . كرعت على ظمإٍ بكأس عقار
لا تستقرّ بها الأيادي خشيةً . . . من ليل ويلٍ أو نهار بوار
وقال امرّار أو العكبّ التغلبيّ ، وهي أجود قصيدةٍ قيلت في القطا ، :
بلاد مروارةٍ يحار بها القطا . . . ترى الفرخ في حافاتها يتحرّق
يظلّ بها فرخ القطاة كأنّه . . . يتيمٌ جفا عنه مواليه مطرق

الصفحة 159