كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 10)

"""""" صفحة رقم 164 """"""
كلّها ؛ لكنه يذعر فيجهل باب المخلص .
المحمود منه ما وصفه الجاحظ عن أفليمون صاحب الفراسة أنه قال : جميع الفراسة لا تخرج عن أربعة أوجه : أوّلها التقطيع ، والثاني المجسّة ، والثالث الشمائل ، والرابع الحركة .
فأمّا التقطيع ، فانتصاب العنق والخلقة ، واستدارة الرأس من غير عظمٍ ولا صغرٍ ، وعظم القرطمتين ونقاؤهما ، واتّساع المنخرين ، وانهرات الشّدقين ، وسعة الجوف ، ثم حسن خلقة العينين مع توقّدهما ، وقصر المنقار في غير دقّةٍ ، ثمّ اتّساع الصدر ، وامتلاء الجؤجؤ ، وطول العنق ، وإشراف المنكبين ، وانكماش الجناحين ، وطول القوادم في غير إفراطٍ ، ولحوق بعض الخوافي ببعض ، وصلابة القصب في غير انتفاخ ولا يبسٍ ، واجتماع الخلق في غير الجعودة والكزازة ، وعظم الفخذين ، وقصر السّاقين والوظيفين ، وافتراق الأصابع ، وقصر الذّنب وخفته من غير تفنينٍ وتفريق ، ثم توقّد الحدقتين وصفاء اللّون . فهذه علامة الفراسة في التقطيع .
وأمّا علامة المجسّة ، فوثاقة الخلق ، وشدّة اللّحم ، ومتانة العصب ، وصلابة القصب ، ولين الرّيش في غير رقّةٍ ، وصلابة المنقار في غير دقّةٍ .
وأمّا علامة الشمائل ، فقلّة الاختيال ، وصفاء البصر ، وثبات النظر ، وشدّة الحذر ، وحسن التّلفّت ، وقلّة الرّعدة عند الفزع ، وخفّة النهوض إذا طار ، وترك المباردة إذا لقط .
وأمّا علامة الحركة ، فالطيران في علوّ ، ومدّ العنق في سموّ ، وقلّة الاضطراب في جوّ السماء ، وضمّ الجناحين في الهواء ، وتتابع الرّكض في غير اختلاطٍ ، وحسن القصد في غير دورانٍ ، وشدّة المدّة في الطيران . فإذا أصبته جامعاً لهذه الصفات فهو الطائر الكامل .
وقد وصف الجاحظ الحمام في كتاب الحيوان وبسط فيه القول ووسّع المجال . ونحن الآن نورد ملخّص ما قاله فيه ، قال : ومن مناقب الحمام جبّه للناس وأنس الناس به ، وهو من الطير الميامين . وهو إذا علم الذكر منه أنّه قد أودع رحم الأنثى ما يكون منه الولد ، تقدّما في إعداد العشّ ،

الصفحة 164