كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 10)

"""""" صفحة رقم 166 """"""
تزيف وتشكل ، وتمكّن وتمنع ، وتجيب وتصدف بوجهها ؛ ثمّ يتعاشقان ويتطاوعان ويكون بينهما قبلٌ وارتشافٌ وإدخال فمها في فمه ؛ وذلك هو التّطاعم والمطاعمة . قال الشاعر :
لم أعطها بيدي إذ بتّ أرشفها . . . إلاّ تطاول غصن الجيد بالجيد
كما تطاعم في خضراء ناعمةٍ . . . مطوّقان أصاخا بعد تغريد
قال أبو عثمان : ومما أشبه فيه الحمام الناس أن ساعات الحضن على البيض أكثرها على الأنثى ، وإنما يحضن الذكر حضناً يسيراً . والأنثى كالمرأة في كفالة الصبيّ ، حتى إذا ذهب الحضن وصار البيض فراخاً كالأطفال في البيت يحتاجون إلى الطعام والشّراب صار أكثر ساعات الزّقّ على الذكر . وقال : قال مثنّى بن زهير ، وهو إمام الناس في البصرة بالحمام ، : لم أر شيئاً قطّ في رجلٍ ولا امرأةٍ وقد رأيت مثله في الذكر والأنثى من الحمام . رأيت حمامةً لا تريد إلاّ ذكرها ، كالمرأة لا تريد إلاّ زوجها أو سيّدها . ورأيت حمامةً لا تمنع شيئاً من الذّكورة ؛ ورأيت امرأة لا تمنع يد لامسٍ . ورأيت حمامةً لا تزيف إلاّ بعد طرادٍ شديدٍ وشدّة طلبٍ ، ورأيتها تزيف لأوّل ذكر يريدها ، ورأيت من النساء كذلك . ورأيت حمامةً لها زوج وهي تمكّن ذكراً آخر لا تعدوه ، ورأيت مثل ذلك في النساء . ورأيتها تزيف لغير ذكرها وذكرها يراها ، ورأيتها لا تفعل ذلك إلاّ وذكرها يطير أو يحضن . ورأيت الحمامة تقمط الحمامة ، ورأيت الحمام الذكر يقمط الذكر . ورأيت الأنثى كانت لا تقمط إلاّ الإناث ، ورأيت أخرى تقمط الإناث فقط ولا تدع أنثى تقمطها ، ورأيت ذكراً يقمطها ويدعها حتى تقمطه . ورأيت ذكراً يقمط الذكور وتقمطه ؛ ورأيت ذكراً يقمط الذكور ولا يدعها تقمطه ؛ ورأيت الأنثى تزيف للذكور ولا تدع شيئاً منها يقمطها ؛ ورأيت هذه الأصناف كلّها في السّحّاقات واللاّطة . قال : وامتنعت عليّ خصلةٌ فوالله لقد رأيتها ؛ لأني رأيت من النساء من تزني أبداً وتساحق أبداً ولا تتزوّج ؛ ومن الرجال من يلوط أبداً ويزني أبداّ ولا يتزوّج ، ورأيت حماماً ذكراً يقمط ما لقي ولا يزاوج ، ورأيت حمامةً تمكّن كلّ حمام أرادها من ذكر أو أنثى وتقمط الذكورة والإناث ولا تزاوج ، ورأيتها تزاوج ولا تبيض ، وتبيض فيفسد بيضها ، كالمرأة . قال : ورأيت ذكراً له أنثيان

الصفحة 166