كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 10)

"""""" صفحة رقم 168 """"""
يحفّه جانباً نيقٍ وتتبعه . . . مثل الزّجاجة لم تكحل من الرّمد
قالت ألا ليتما هذا الحمام لنا . . . إلى حمامتنا ونصفه فقد
فحسبوه فألفوه كما حسبت . . . تسعاً وتسعين لم تنقص ولم تزد
فأكملت مائةً فيها حمامتها . . . وأسرعت حسبةً في ذلك العدد قال الأصمعيّ : لما أراد أن يمدح الحاسب وسرعة إصابته شدّد الأمر وضيّقه عليه ليكون أحمد له إذا أصاب ؛ فجعله حرز طيراً والطير أخفّ من غيره ؛ ثم جعله حماماً والحمام أسرع الطير وأكثر اجتهاداً في السرعة إذا كثر عددهنّ ، وذلك أنه يشتدّ طيرانه عند المسابقة والمنافسة . وقال : يحفّه جانباً نيقٍ وتتبعه ، فأراد أن الحمام إذا كان في مضيق من الهواء كان أسرع من أن يتسع عليه الفضاء . والله أعلم بالصواب .
؟
ذكر ما قيل في طوق الحمامة
يقال : إنّ نوحاً صلّى الله عليه وسلّم لمّا كان في السفينة بعث الغراب ليكشف له هل ظهر من الأرض موضعٌ ، فوقع على جيفة فلم يرجع إليه ؛ فبعث بالحمامة ، فاستعجلت على نوح الطّوق الذي في عنقها فجعل لها ذلك جعلاً . وفي ذلك يقول أميّة بن أبي الصّلت :
وأرسلت الحمامة بعد سبع . . . تدلّ على المهالك لا تهاب
تلمّس هل ترى الأرض عيناً . . . وعاينه من الماء العباب
فجاءت بعد ما ركضت بقطفٍ . . . عليه الثّأط والطّين الكباب
فلمّا فرّسوا الآيات صاغوا . . . لها طوقاً كما عقد السّخاب
إذا ماتت تورّثه بنيها . . . وإن تقتل فليس لها استلاب
وقال أيضاً فيها :
سمع الله لابن آدم نوحٍ . . . ربّنا ذو الجلال والإفضال
حين أوفى بذي الحمامة والنا . . . س جميعاً في فلكه كالعيال
حابساً خوفه عليه رسولاً . . . من خفاف الحمام كالتّمثال

الصفحة 168