كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 10)

"""""" صفحة رقم 170 """"""
ومتّفقات الشكل مختلفاته . . . لبسن ظلاماً بالصباح مرقّعا
أخذن من الكافور أنفاً ومنسراً . . . وخضّبن بالحنّاء كفّاً وإصبعا
وترنو بأبصارٍ إذا ما أدرنها . . . جلون عقيقاً للعيون مرصّعا
تطير بأمثال الجلام كأنّها . . . جنادل تدحوها ثلاثاً وأربعا
تبوع بها في الجوّ من غير فترةٍ . . . كأنّ مجاديفاً تبوع بها معا
إذا هي عبّت في الغدير حسبتها . . . تزقّ فراخاً في المغاور جوّعا
وقال القاضي الفاضل عبد الرحيم البيسانيّ من رسالة يصف طائراً جاء من غاية : وكان هذا الطائر أحد الرسل المسيّرة بل المبشّره ، والجنود المجرّدة بالمسخّره ؛ فإنها لا تزال أجنحتها تحمل من البطائق أجنحه ، وتجهّز من جيوش المقاصد والأقلام أسلحه ؛ وتحمل من الأخبار ما تحمل الضمائر ، وتطوي الأرض إذا نشرت جناح الطائر ؛ وتزوي لها حتى ترى ما سيبلغه ملك هذه الأمه ، وتقرب بها السماء حتى ترى ما لا يبلغه وهم ولا همّه ؛ وتكون مراكب للأغراض لمّا كانت الأجنحة قلوعاً ، وتركب الجوّ بحراً يصفّق فيه هبوب الرياح موجاً مرفوعاً ؛ وتعلّق الحاجات على أعجازها ، فلا تعرف الإرادات غير إنجازها . ومن بلاغات البطائق استعارت ما هي به مشهورة من السّجع ، ومن رياض كتبها ألفت الرياض فهي إليها دائمة الرّجع . وقد سكنت البروج فهي أنجم ، وأعدّت في كنائنها فهي للحاجات أسهم . وقد كادت تكون ملائكةً فإذا نيطت بالرّقاع ، صارت أولى أجنحةٍ مثنى وثلاث ورباع . وقد باعد الله بين أسفارها وقرّبها ، وجعلها طيف اليقظة الذي صدق العين وما كذبها . وقد أخذت عهود الأمانة فهي في أعناقها أطواقاً ، فأدّتها من أذنابها أوراقاً ؛ فصارت خوافي وراء الخوافي ، وغطّت سرّها المودع بكتمانٍ سحبت عليه ذيول ريشها الضوافي ؛ ترغم النّوى بتقريب العهود ، وتكاد العيون تلاحظها تلاحظ أنجم السعود ؛ فهي أنبياء الطير لكثرة ما تأتي به من الأنباء ، وخطباؤها لأنها تقوم على منابر الأغصان مقام الخطباء . والله أعلم بالصواب .
الببّغاء وما قيل فيها ، والببّغاء طائرٌ هنديّ ، وحبشيّ . حسن الخلق ، دمث الخلق ، ثاقب الفهم ، له قوّةٌ على حكاية الأصوات بالتلقين والتعليم ، تتخذه الملوك

الصفحة 170