كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 10)

"""""" صفحة رقم 173 """"""
والصّقور والبوازي ولكثير من جوارح الطير ، وهي تسمن عنها وتصحّ أبدانها عليها ، ولها في ذلك عملٌ محمود ناجع عظيم النفع بيّن الأثر .
وقال بعض الشعراء في الخفّاش ملغزاً :
وطائرٍ جناحه في رجله . . . أبعد شيءٍ فصّه من وصله
لم يوصف الله بخلق مثله . . . وهو على تآلفٍ في شكله
لو بيع في سوقٍ له لم أغله
وقال آخر :
أبى علماء الناس أن يخبرونني . . . وقد ذهبوا في العلم في كلّ مذهب
بجلدة إنسانٍ وصورة طائرٍ . . . وأظفار يربوعٍ وأنياب ثعلب
الكروان والكروان طائرٌ من طبعه وعادته الطيران فيا لليل ، والإدلاج والصّياح بالأسحار ، والإشراف على مواضع العساكر . ويوصف بالحمق ؛ ومن حمقه أنه يقال له : أطرق كراً ، فيلصق بالأرض حتى يرمى . وتقول العرب : " أطرق كراً أطرق كراً إنّ النّعامة في القرى " .
البوم ويقال : إنه الصّدى ، ويقال : بل الصّدى ذكر البوم ، وللبوم ذكر له منه . ويقال : إنه خمسة أصناف : منه ما يصيد الأرنب . ومنه صنف له لونان يأوي الآكام والبرّيّة . ومنه المدبّج بالصّفرة ، وله حواجب وقرونٌ من ريش ، ويسكن الجدران . ومنه الهام ويسمّى الغبشيّة . ومنه القن وهو يصيح كالهام لكنّ صوته أدقّ . وكل هذه الأصناف تحب الخلوة بنفسها . وهي تبغض الغربان ، وسائر أصناف الطير تبغضها ؛ فإنّ الطيور إذا رأينها يطرن حولها وينتفن ريشها ؛ فلذلك صيّادو الطيور يجعلونها في مصايدهم ؛ لأن الطيور إذا رأوها اجتمعوا عليها ، فتصاد عند ذلك .
الصّدى فالعرب تزعم أن الإنسان إذا مات أو قتل تتصوّر نفسه في صورة طائرٍ تصرخ على قبره مستوحشةً لجسدها . وفي ذلك يقول توبة :
ولو أنّ ليلى الأخيليّة سلّمت . . . عليّ ودوني جندلٌ وصفائح
لسلّمت تسليم البشاشة أو زقا . . . إليها صدىً من جانب القبر صائح
ويحكون على ذلك حكايةً . وتقول العرب : إن هذا الطائر يكون صغيراً ثم يكبر

الصفحة 173