كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 10)

"""""" صفحة رقم 177 """"""
عنكبوتاً . وهو يطاول في السّفاد . ومنه ما هو كبير ونسجه رديءٌ ، ومنه ما هو دقيق . وهو في نسجه يمدّ السّدى ثم يعمل اللّحمة ، ويبتدئ من الوسط ؛ ويهيّء موضعاً لما يصيده يكون له كالخزانة . والأنثى منه هي التي تنسج ، والذكر يحل وينقض . والتي تنسجه لا تخرجه من جوفها بل من خارج جسدها . وفم العنكبوت مشقوقٌ بالطول . وهو إذا صاد الذّباب يثب عليه وثوب الفهد .
وقال الشيخ الرئيس أبو عليّ بن سينا : إنّ نسج العنكبوت يقطع نزف الدّم إذا جعل على الجراحة ، وإذا وضع نسجه على القروح منعها أن ترم وعلى الجراحات . وإذا طبخ العنكبوت الذي هو غليظ النّسج أبيضه بدهن الورد وقطّر في الأذن سكّن وجعها . قال : وقال بعضهم : إنّ نسج العنكبوت إذا خلط ببعض المراهم ووضع على الجبهة والصدغين أبرأ حمّى الغب . قال : وزعم بعضهم أنّ نسج الصّنف الذي يكون نسجه كثيفاً أبيض إذا شدّ في خيط وعلّق على العنق والعضد أبرأ حمّى الغبّ .
وقال ابن الرّوميّ يصف فهد العنكبوت :
أعجب مستفادٍ . . . أفادني زماني
من الفهود فهدٌ . . . في الاسم والعيان
تلك ذوات أربعٍ . . . وذاك ذو ثمان
كأنما أرجله . . . مخالب النّغران
سيفاه سيفا بطلٍ . . . والدرع درع جان
مستأنسٌ ما إن بنى . . . والإنس في مكان
وصائدٌ وهو من ال . . . مصيد في أمان
ذبابه في كفّه الط . . . ائر مثل العان
وليس يبغي بدلاً . . . بطائر الخوان
إذا دنا فلم يكن . . . بينهما عقدان
عانقه أسرع من . . . تعانق الأجفان

الصفحة 177