كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 10)

"""""" صفحة رقم 184 """"""
في الصحراء فيجتمع حوله السّباع والطير التي تأكل الجيف ، فمن أكل منها منه مات لوقته في موضعه . ويقال : إنّ جبابرة الولاة بالعراق كان يقتل بالبعوض ، فيأمر بمن يريد قتله أن يجرّد من ثيابه ويربط ويخرج إلى بعض الآجام التي بالبطائح فيوجد في أسرع وقتٍ عظاماً عاريةً من جلدٍ ولحم .
وقال الجاحظ : بعوض البطائح كجرّارات الأهواز وعقارب شهر زور . ربّما ظفر بالسكران النائم فلا يبقى فيه إلاّ العظام العارية .
وقد أكثر الشعراء في وصف البعوض ؛ فمن ذلك قول فرج بن خلف الأندلسيّ :
بعوضٌ جعلن دمي قهوةً . . . وغنّينني بصنوف الأغان
كأنّ عروق ي أوتارهنّ . . . وجسمي الرّباب وهنّ القيان
وقال آخر :
إذا البعوض زجلت أصواتها . . . وأخذ اللّحن مغّنياتها
لم تطرب السامع خافضاتها . . . وأرّق العينين رافعاتها
صغيرةٌ كبيرة أذاتها . . . تنفضّ عن بغيتها بغاتها
ولا يصيب أبداً رماتها . . . رامحةٌ خرطومها قناتها
وقال أبو هلال العسكريّ :
غناءٌ يسخن العين . . . وينفي فرح القلب
ولا يأتي على الزّمر . . . ولا يجري مع الضرب
غناء البقّ باللّيل . . . ينافي طرب الشّرب
إذا ما طرق المرء . . . جرى في طلق الكرب
إذا ما نقب الجلد . . . ة أخفى أثر النّقب
سوى حمرٍ خفيّاتٍ . . . تحاكي نقط الكتب
البراغيث والبرغوث أسود أحدب . وهو من الحيوان الذي لا يمشي ؛ وإنما أوردناه مع ذي الجناح لأنه ذو وثبٍ لا يقصر عن الطيران ؛ ومنه أيضاً ما يمشي ولا يثب . وقالوا : إنه يطيل السّفاد ، ويبيض ويفرّخ . وأصله متولّد من التراب في المواضع المظلمة . وهو يكثر ويستطيل ويؤذي في أواخر الشتاء وفصل الربيع . وإذا

الصفحة 184