كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 10)

"""""" صفحة رقم 190 """"""
وقال خالد بن صفوان ليزيد بن المهلّب يصف سمكاً : أتيت ببناتٍ بيض البطون ، زرق العيون ، سود المتون ، حدب الظهور ، معقّفات الأذناب ، صغار الرءوس ، غلاظ القصر ، عراض السّرر . هذا ما اتفق إيراده في السمك المطلق . فلنذكر أصنافاً من أنواع الأسماك .
ذكر شئ من أنواع الأسماك
وأنواع الأسماك كثيرةٌ جدّاً ، ومنها ما يعرفه الناس ، ومنها ما لم يعرفوه ، ومنها ما يكون في أماكن من البحار دون غيرها . وقد ذهب بعضهم أنّ كلّ حيوانٍ في البرّ يكون مثله في البحر . فلنورد في هذا الفصل ما أمكن إيراده ، وهو الدّلفين ، والرّعاد ، والتّمساح ، والسّقنقور ، والسّلحفاة ، واللّجأة ، والفرس النهريّ ، والجندبيدستر والقندس ، والقاقم والضفادع ، والسّرطان ، وشيءٌ من عجائب الحيوان المائيّ ، على حكم الاختصار حيث تعذّر الاستيعاب .
الدلفين هو كالزّقّ المنفوخ ، وله رأس صغير جدّاً . وهو يوجد في بحر النيل يقذفه البحر الملح إليه . ويقال : ليس في دوابّ البحر ماله رئةٌ غيره ؛ فلذلك يسمع له التنفّس والنّفخ ، وهو إذا ظفر بالغريق كان أقوى الأسباب في نجاته ؛ فإنه لا يزال يدفعه إلى البرّ حتى ينجيه . وهو من أقوى الدوابّ المائيّة . ولا يؤذي و يأكل غير السمك . وربما ظهر على وجه الماء وهو نائم كالميّت . وهو يلد ويرضع . وأولاده تتبعه حيث ذهب ؛ ولا يلد إلاّ في الصيف . وفي طبعه الأنس بالناس وخصوصاً الصبيان . وإذا صيد جاءت الدّلافين لقتال صائده ، فإذا أطلقه لها انصرفت . وأهل المراكب في البحر الفارسيّ إذا رأوه استبشروا به وأيقنوا ببلوغ الأرب سيّما الغزاة .
الرّعاد ويكون في نيل مصر ، ولم أسمع به في غيره . وفيه من الخاصيّة أنه لا يستطيع أحدٌ من الناس أن يمسّه . ومتى وضع الإنسان يده عليه نزعها بحركته وصاح صيحةً منكرةً ربما دهش الإنسان لها ؛ ويجد الرجل في فؤاده خفقاناً من ذلك . وهو متى وقع في شبكة الصيّاد ارتعدت يداه عند إخراج الشبكة من الماء أو جذب الحبل ، فيعلم أنه قد وقع له السمك الرّعّاد .
التّمساح وهو أيضاً لا يكون إلا في نيل مصر ؛ وزعم قوم أنه يوجد في مهران في السّند ، لزعمهم أنه من النيل . وهو شديد البطش في الماء . وهو يعظم إلى أن

الصفحة 190