كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 10)

"""""" صفحة رقم 192 """"""
سلحفاةً ، وما وقع في البحر سميّ لجأةً . فأمّا ما يبقى في البرّ فإنه يعظم حتى لا يكاد الرجل الشديد يحمله . وقد رأيت في سنة سبع وسبعمائة بالقاهرة المعزّيّة سلحفاةً تحمل الرجل وتمشي به وهو قائم على ظهرها . وما ينزل البحر يعظم حتى لا يكاد الحمار يحمله ؛ وربما وجد منها ما زنته أربعمائة رطلٍ . وتبيض أنثاه أربعمائة بيضة . وهي تحضن بيضها بالنظر إليه والرّصد له لا غير . وللذّكر نزكان وللأنثى فرجان . والذكر يطيل المكث في السّفاد . والعرب تكنيها أمّ طبقٍ . ويزعمون أنها تبيض تسعاً وتسعين بيضةً ، وتبيض تمام المائة بيضةً يخرج منها أسود أي ثعبان . وهو مولعّ بأكل الحيّات ؛ وإذا أكل الأفعى أكل صعتراً جبليّاً ؛ فإذا أكثر من أكل الحيّات والصّعتر هلك . وله تحيّلٌ فيما يصيده من الطائر ، وهو أنه يصعد من الماء ويتمرّغ في التراب ويأتي موضعاً قد سقط الطير عليه ليشرب ، فيخفى على الطير بكدرة لونه التي اكتسبها من الماء والتراب ، فيصيد منها ما يكون له قوتاً ويدخل به الماء فيموت الطائر فيأكله .
ووصفها الشاعر فقال :
وسلحفاة يمج . . . سكونها والحركه
شبّهتها بديلميٍ . . . ساقطٍ في معركه
مستترٍ بترسه . . . عمّن عسى أن يهلكه
وقال أبو بكر الخوارزميّ يصف لجأةً :
بنت ماءٍ بدت لنا من بعيدٍ . . . مثل ما قد طوى البحاريّ سفره
رأسها رأس حيّةٍ وقراها . . . ظهر ترسٍ وجلدها جلد صخره
مثل فهر العطّار دقّ به العط . . . ر فخلّت طرائق الطّيب ظهره
يقطع الخوف رأسها فإذا ما . . . أمنته فرأسها مستقرّه
وقال آخر :
لحى الله ذات فمٍ أخرسٍ . . . تطيل من العيّ وسواسها
تكبّ على ظهرها ترسها . . . وتظهر من جلّها فاسها
إذا الحذر أقلق أحشاءها . . . وضيّق بالخوف أنفاسها
تضمّ إلى نحرها كفّها . . . وتدخل في جوفها رأسها

الصفحة 192