كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 10)

"""""" صفحة رقم 196 """"""
ويقال : إن ببحر الرّوم ، وربما بغيره أيضاً ، حيواناً يسمّونه بنات الماء يشبهن النساء ، لهنّ شعورٌ سباط ، ألوانهنّ إلى السّمرة ، ذوات فروجٍ عظامٍ وثديٍّ ، ولهنّ قهقهةٌ وضحكٌ وكلامٌ لا يفهم ؛ وربما يقعن لأصحاب المراكب وغيرهم فينكحونهنّ فيجدون لنكاحهنّ لذّةً عظيمة ثم يعيدونهنّ إلى البحر . وفي البحر أيضاً أمثال الرجال ، ويقال : إنهم يظهرون بالإسكندريّة وبالبرلّس ورشيد في صورة الإنسان بجلودٍ لزجةٍ ، لهم بكاءٌ وعويل إذا وقعوا في أيدي الناس ؛ وذلك أنهم ربما برزوا عن البحر إلى البرّ يتشمّسون فيقع بهم الصيّادون ؛ فإذا سمع الناس بكاءهم أطلقوهم رحمةً لهم .
الباب الثامن وهو ذيل على القسم الخامس من الفن الثالث
ويشتمل هذا الباب على ذكر شيء مما وصفت به آلات الصيد
في البرّ والبحر ووصف رماة البندق ، وما يجري هذا المجرى .
آلات الصيد
رماة البندق ومما وصفت به الجلاهق وهو قسيّ البندق . من ذلك ما كتب به أبو إسحاق الصّابي من رسالة إلى أبي الفرج محمد بن العباس بن فسابخش ، جاء منها : أقبلت رفقة الرّماة قد برزت قبل الذّرور والشروق ، وشمّرت عن الأذرع والسّوق ؛ مقلّد بن خرائط شاكلت السيوف بحمائلها ونياطاتها ، وناسبتها في آثارها ونكاياتها ؛ تحمل من البندق الملموم ، ما هو في الصّحة والاستدارة كاللؤلؤ المنظوم ؛ كأنما خرط بالجهر ، فجاء كبنات الفهر ؛ قد اختير طينه ، وملك عجينه ؛ فهو كالكافور المصّاعد في اللّمس والمنظر ، وكالعنبر الأذفر في الشمّ والمخبر ؛ مأخوذٌ من خير مواطنه ، مجلوبٌ من أطيب معادنه ؛ كافلٌ

الصفحة 196