كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 10)

"""""" صفحة رقم 202 """"""
فهو المسيء اختياراً إذ نوى سفراً . . . وقد رأى طالعاً في العقرب القمرا
ومن البنادق كراتٌ متّفقةٌ السّرد ، متّحدة العكس والطّرد ؛ كأنّما خرطت من المندل الرّطب أو عجنت من العنبر الورد ؛ تسري كالشّهب في الظلام ، وتسبق إلى مقاتل الطير مسدّدات السّهام .
مثل النجوم إذا ما سرن في أفقٍ . . . عن الأهلة لكن نونها راء
ما فاتها من نجوم اللّيل إن رمقت . . . إلاّ ثباتٌ يرى فيها وأضواء
تسري ولا يشعر الليل البهيم بها . . . كأنّها في جفون الليل إغفاء
وتسمع الطير إذ تهفو قوادمه . . . خوافقاً في الدّياجي وهي صمّاء
تصونها جراوةٌ كأنّها جرج درر ، أو درج غرر ، أو كمامة ثمر ؛ أو كنانة نبل ، أو غمامة وبل ؛ حالكة الأديم ، كأنّما رقمت بالشّفق حلّة ليلها البهيم .
كأنّها في وصفها مشرقٌ . . . تنبثّ منه في الدّجى الأنجم
أو ديمةٌ قد أطلعت قوسها . . . ملوناً وانبثقت تسجم
فاتخذ كلٌّ له مركزاً ، وتقاضى من الإصابة وعداً منجزاً ، وضمن له السعد أن يصبح لمراده محرزاً .
كأنّهم في يمن أفعالهم . . . في نظر المنصف والجاحد
قد ولدو في طالعٍ واحدٍ . . . وأشرقوا في مطلعٍ واحد
فسرت علينا من الطير عصابه ، أظلّتنا من أجنحتها سحابه ؛ من كلّ طائر أقلع يرتاد مرتعاً ، فوجد ولكن مصرعاً ، وأسفّ يبغي ماءً جماماً فورد ولكن السمّ منقعاً ، وحلّق في الفضاء يبتغي ملعباً فبات وهو وأشياعه سجّداً للقسيّ وركّعاً ؛ فتبرّكنا بذلك الوجه الجميل ، وتداركنا أوائل ذلك القبيل .
فاستقبل أوّلنا تمّاً تمّ بدره ، وعظم في نوعه قدره ؛ كأنه برقٌ كرع في غسق ؛

الصفحة 202