كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 10)

"""""" صفحة رقم 203 """"""
أو صبحٌ عطف على بقيّة الدّجى عطف النّسق ؛ تحسبه في أسداف المنى غرّة نجح ، وتخاله تحت أذيال الدّجى طرّة صبح ؛ عليه من البياض حلّة وقار ، وله كرةٌ من عنبرٍ فوق منقارٍ من قار . له عنق ظليم ، والتفاتة ريم ، وسرى غيم يصرّفه نسيم .
كلون المشيب وعصر الشّباب . . . ووقت الوصال ويوم الظّفر
كأنّ الدّجى غار من لونه . . . فأمسك منقاره ثمّ فرّ
فأرسل إليه عن الهلال نجماً ، فسقط منه ما كبر بما صغر حجماً ؛ فاستبشر بنجاحه ، وكبّر عند صياحه ، وحصّله من وسط الماء بجناحه .
وتلاه كيٌّ نقيّ اللّباس ، مشتعل شيب الراس ، كأنّه في عرانين شبيه لا وبله كبير أناس ؛ إن أسفّ في طيرانه فغمام ، وإن خفق بجناحه فقلعٌ له بيد النّسيم زمام ؛ ذو غببةٍ كالجراب ومنقارٍ كالحراب ، ولونٍ يغرّ في الدّجى كالنّجم ويخدع في الضّحى كالسّراب ؛ ظاهر الهرم ، كأنّما يخبر عن عادٍ ويحدّث عن إرم .
إن عام في زرق الغدير حسبته . . . مبيضّ غيمٍ في أديم سماء
أو طار في أفق السماء ظننته . . . في الجوّ شيخاً عائماً في ماء
متناقض الأوصاف فيه خفّة ال . . . جّهال تحت رزانة العلماء
فثنى الثاني إليه عنان بندقه ، وتوخّاه فيما بين رأسه وعنقه ، فخرّ كماردٍ انقضّ عليه نجمٌ من أفقه ؛ فتلقّاه الكبير بالتكبير ، واختطفه قبل مصافحته الماء من وجه الغدير .
وقارنته إوزةٌ حلّتها دكناء ، وحليتها حسناء ؛ لها في الفضاء بحال ، وعلى طيرانها خفّة ذوات التبرّج وخفر ربّات الحجال ؛ كأنّما عبّت في ذهب ، أو خاضت في لهب ؛ تختال في مشيتها كالكاعب ، وتتأنّى في خطوها كاللاّعب ؛ وتعطو بجيدها كالظّبي الغرير ، وتتدافع في سيرها مشي القطاة إلى الغدير .
إذا أقبلت تمشي فخطرة كاعبٍ . . . رداحٍ وإن صاحت فصولة حازم
وإن أقلعت قالت لها الريح ليت لي . . . خفا ذي الخوافي أو قوى ذي القوادم

الصفحة 203