كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 10)

"""""" صفحة رقم 208 """"""
إلى صدره ، أو انطوى على هالة بدره .
تراه في الجوّ عند الصبح حين بدا . . . مسودّ أجنحةٍ مبيضّ حيزوم
كأسودٍ حبشيٍّ عام في نهرٍ . . . وضمّ في صدره طفلاً من الرّوم
فنهض تمام القوم إلى التّتمّه ، وأسفرت عن نجح الجماعة تلك الليلة المدلهمّه ؛ وغدا ذلك الطير الواجب واجباً ، كمل العدد به قبل أن تطلع الشمس عيناً أو تبرز حاجباً ؛ فيالها ليلةً حصرنا بها الصوادح في الفضاء المتّسع ، ولقيت فيها الطير ما طارت به من قبل على كلّ شملٍ مجتمع ؛ وأضحت أشلاؤها على وجه الأرض كفرائد خانها النّظام ، أو شربٍ كأنّ رقابهم من اللّين لم يخلق لهنّ عظام ؛ وأصبحنا مثنين على مقامنا ، منثنين بالظّفر إلى مستقرّنا ومقامنا ؛ داعين للمولى جهدنا ، مذعنين له قبلنا أو ردّنا ؛ حاملين ما صرعنا إلى بين يديه ، عاملين على التشرّف بخدمته والانتماء إليه .
فأنت الذي لم يلف من لا يودّه . . . ويدعو له في السرّ أو يدّعى له
فإن كان رميٌ أنت توضح طرقه . . . وإن كان جيشٌ أنت تحمي رعيله
والله تعالى يجعل الآمال منوطةً به وقد فعل ، ويجعله كهفاً للأولياء وقد جعل .
ومن إنشاء المولى علاء الدّين عليّ بن عبد الظاهر في قدمة بندق .
ابتدأها بأن قال : الحمد لله مهيءّ أسباب الارتياح ، ومهنّئ أوقات الانشراح ، ومطلق الأيدي في الاقتناص فليس عليها في صيد ذوات الجناح جناح ؛ ومزيّن السماء بمصابيح أنوارها ، وموشّي الأرض بروضها ونوّارها ؛ ومنوّر الأيام شموسها والليالي بأقمارها ، ومطرّز مطارف الآفاق بمطار أطيارها . والصلاة والسلام على سيّدنا محمد وآله وصحبه الذين أنجدهم الله من ملائكته بأولى أجنحه ، وأهوى بصرائعهم وأوهى قوى ممانعهم بعزائمهم المنجحه . وبعد ، فإنّ القنص شغفت به قلوب ذوي العزائم ؛ وصيّرته عنواناً للحرب إذ حمام الحمام فيه على الفرائس حوائم ؛ تلتذّ نفوسهم بالمطاردة فيه وترتاح ، وتهواه فلو تمكّنت لركبت إليه أعناق الرّياح ؛ ترد منه مورد الظّفر ، وتتمتّع فيه بنزهٍ تقسّم الحسن فيهن بين السمع والبصر ، وتتملّى عند السرور إليه برياضٍ دبّجها صوبٌ من المطر لا

الصفحة 208