كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 10)

"""""" صفحة رقم 26 """"""
سليمان ابن داود صلى الله عليهما وسلم كانت ألف فرس ورثها عن أبيه ؛ فلما عرضت عليه ألهته عن صلاة العصر حتى توارت الشمس بالحجاب ، فردّها وعرقبها إلاّ أفراساً لم تعرض عليه ؛ فوفد عليه قوم من الأزد ، وكانوا أصهاره ، فلما فرغوا من حوائجهم قالوا : يا نبيّ الله ، إنّ أرضنا شاسعة فزوّدنا زاداً يبلّغنا ؛ فأعطاهم فرساً من تلك الخيل وقال : إذا نزلتم منزلاً فاحملوا عليه غلاماً واحتطبوا ، فإنكم لا تورون ناركم حتى يأتيكم بطعام ؛ فساروا بالفرس ، فكانوا لا ينزلون منزلاً إلا ركبه أحدهم للقنص ، فلا يفلت شيءٌ تقع عينه عليه من ظبي أو بقرة أو حمار ، إلى أن قدموا بلادهم ؛ فقالوا : ما لفرسنا هذا اسم غلا زاد الراكب فسمّوه به . فأصل فحول العرب من نتاجه . ويقال : إن أعوج منها . قال امرؤ القيس :
إذا ما ركبنا قال ولدان أهلنا . . . تعالوا إلى أن يأتي الصيد نحطب
وقال عمارة :
وأرى الوحش عن يميني إذا ما . . . كان يوماً عنانه في شمالي
ومن خيل العرب المشهورة ما حكاه أبو عليّ الحسن بن رشيق الأزديّ في كتابه المترجم بالعمدة عن ابن حبيب عن أبي عبيدة قال : الغراب والوجيه ولاحق والمذهب ومكتوم كانت كلّها لغنيّ .
وقال أحمد بن سعد الكاتب : كان أعوج أوّلاً لكندة ، ثم أخذته سليم ، وصار لبني عامر ثم لبني هلال . قال ابن حبيب : ركب رطباً فأعوجّت قوائمه ، وكان من أجود خيل العرب . وأمّه سبل لغنيّ . وأمّ سبل سوادة . وأم سوادة القسامة ، وكانت لجعدة .
وحكى أحمد بن محمد بن عبد ربّه صاحب العقد في كتابه : أنه لما أنتجته أمّه ببعض بيوت الحيّ نظروا إلى طرف يضع جحفلته على كاذتها على الفخذ مما يلي الحياء ؛ فقالوا : أدركوا ذلك الفرس لا ينزو فرسكم ؛ لعظم أعوج وطول قوائمه ؛ فقاموا إليه فإذا هم بالمهر ؛ فسموه أعوج . ولهم أيضاً الفيّاض . قال ابن سعد : الوجيه ولاحق لبني أسد ، وقيد وحلاّب لبني تغلب ، والصّريح لبني نهشل ، وزعم غيره أنه كان لآل المنذر ، وجلوى لبني ثعلبة بن

الصفحة 26