كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 10)

"""""" صفحة رقم 42 """"""
استوقف فطن ؛ فهو كما قال تأبّط شرّاً :
ويسبق وفد الريح من حيث ينتحى . . . بمنخرقٍ من شدّه المتتابع
ووصف آخر فرساً فقال : كأنه إذا علا دعاء ، وإذا هبط قضاء . كأنه محلولٌ من قول الشاعر في صفة فرس :
مثل دعاء مستجابٍ إن علا . . . أو كقضاءٍ نازلٍ إذا هبط
ووصف أيّوب بن القرّيّة فرساً فقال : أسيل الخدّ ، حسن القدّ ؛ يسبق الطّرف ، ويستغرق الوصف .
وقال محمد بن عبد الملك لصديق له : ابغ لي فرساً برذوناً ، وثيق اليدين ، قائم الأذنين ، ذكر العينين ، يأنف من تحريك الرجلين .
ومن الكلام الجيّد في وصف الخيل ما أنشأه الشيخ ضياء الدين بن القرطبيّ من رسالته التي كتبها إلى الصاحب الوزير شرف الدين الفائزيّ ، وقد تقدّم ذكرها في باب الكتاب في الرسائل ، فلا فائدة في إعادتها ؛ وإنما أوردنا ذكر الخيل هناك لأن الرسالة تشتمل على أوصاف الخيل والعساكر والسلاح وغير ذلك ، فأردنا بإيرادها بجملتها ثمّ أن يكون الكلام فيها سياقه يتلو بعضه بعضاً . وهذه الرسالة في السّفر السابع من هذه النسخة .
ومن إنشاء المولى الفاضل العالم الأديب البليغ شهاب الدين أبي الثّناء محمود ابن سليمان الحلبي الكاتب رسالةٌ في الخيل عملها تجربةً ورياضةً لخاطره ، ولم يكتب بها ؛ وسمعتها من لفظه ، ونقلتها من خطّه ؛ وهي : أدام الله إحسان الجناب الفلاني ، ولا زالت الآمال في أمواله محكّمه ، والأماني كالمحامد في أبوابه مخيّمه ، والمعالي كالعوالي إليه دون غيره مسلّمه ، والمكارم تغريه في الندى حتى يبذل ما حبّب إليه من الخيل المسوّمه . المملوك يقبّل اليد التي ما زالت بسطتها في الكرم علّيه ، وقبضتها بتصريف أعنّة الزمن مليّه ؛ ومواهبها تتنوّع في الندى ، ومذاهبها في الكرم تهب الأولياء ما تهابه العدا . وينهى وصول ما أنعم به من الخيل التي وجد الخير في نواصيها ، وادّخرت صهواتها حصوناً يعتصم في الوغى بصياصيها :

الصفحة 42