كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 10)

"""""" صفحة رقم 46 """"""
ينهى أنه لما كانت العزائم الفلانيّة طامحةً إلى أسنى المعالي ، مطلعةً من مناقبها أهلّةً تخجل بدور الليالي ؛ متيّمةً باكتساب المفاخر ، عميدةً بتشييد المآثر ؛ ماثلةً إلى ما يزيّن المقانب ، ويطرّز الكتائب ؛ مصغيةً إلى ما يرد جنابتها من جنايتها لا غير ، وكيف لا تكون كذلك وحبّ الخيل من الخير ؛ ناظرةً إلى ما يصل من كرائمها ، مهتديةً بنجوم غررها مشغوفةً بتحجيل قوائمها ؛ عاشقةً لاتساع صدورها ، ورقّة نحورها .
خدم المملوك الرّكاب العالي بإنفاذ خيلٍ اتّحدت في الصفات ، وتباينت في الشّيات ؛ وصدرت كروضةٍ تفتّحت أزهارها ، وزها نوّارها ، وأشرقت أنوارها ؛ بل كعرائس تختال في برودها ، أو كجواهر تنافست في عقودها ؛ ملكتها يمين المملوك فكانت كعدد أصابعها ، وأحرزتها همّته فنزعت في الحزم إلى منازعها ؛ لها من الظباء أعناقها ، ومن النعام أسواقها ؛ ومن البأس قوة جنانها ، ومن الظفر مثنى عنانها ؛ ومن الإقبال غرر نواصيها ، ومن إدراك الغرض جلّ أمانيها ؛ ذوات ضبح ، وموريات قدح ؛ تكبو الريح في غاياتها ، ويقرّ البرق بمعجزاتها ؛ مداخلة الخلق رحبة اللّبان ، مستغنيةٌ عن الهمز بتحريك العنان ؛ تقارب ما بين قطاها ومطاها ، وتباعد ما بين قذالها وصلاها ؛ سما عنقها وأطرق جبينها ، وتنزّهت عن المعايب فلا صكك يشينها ؛ يا حبّذا أشهبها وقد تجلّلت بالشّهب ذاته ، وادّرعت أشهب الصبح شياته ؛ زبرجديّ الحافر لؤلؤيّ الأديم ، له أيطلا ظبي وساقا ظليم ؛ كغمامةٍ بارقها قدح سنابكه ، أو كسيلٍ طمّ مفعمه واسع مسالكه ؛ استغنى بجوهر شياته عن كل مذهب ، فما لمذهب في الانتساب عنه مذهب ؛ إن امتطى الفارس قطاته طار بنسر حافره ، وإن أشار إلى غرضٍ أدركه بمجرّد الوهم لا بالنظر غلى ناظره ؛ أميال البيداء كميلٍ بين عينيه ، وترادف رمالها كذرورٍ بين جفنيه ؛ استولى على السّبق وأحرز خصله ، وكيف لا وقد حاز اثنتي عشرة خصله .
يتلوها أشقرها وقد نجّد عقيقاً ، أو التحف شقيقاً ؛ أو كوجنة قد احمرّت من

الصفحة 46