كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 10)

"""""" صفحة رقم 48 """"""
ولنختم هذا الباب بذكر فائدة ، وهي دواء للخلد : يؤخذ خمسون طائراً من الدّراريج تسحق بحجر ولا تمسّ باليد ، وتجعل في قدر صغيرة جديدة ، ويصبّ عليها من الماء والزيت ما يغمره ، ويغلى عليه حتّى ينعقد ، ويضاف إليه يسيرٌ من القطران الأسود ، ويوضع على النار ؛ فإذا فتر فتلفّ مشاقةٌ على عود ويدهن به أمّ الخلد قبل قطعه بالنار ، ثم يدهن بعد ثلاثة أيام بالشّيرج والصّيلقون وماء الورد ؛ فإنه مجرّب .
الباب الثاني من القسم الثالث من الفن الثالث في البغال والحمير
ذكر ما قيل في البغال
قال أصحاب الكلام في طبائع الحيوان : إنّ البغل لا يعيش له ولد ، وليس بعقيم ؛ ولا يبقى للبغلة ولد ، وليست بعاقر . وهو أطول عمراً من أبويه وأصبر . ويقال : إنّ أوّل من نتج البغال قارون ، وقيل : أفريدون أحد ملوك الفرس الأول . والبغل يوصف برداءة الأخلاق والتلوّن . ومن أخلاق البغال الإلف لكل دابّة . ويقال : إنّ أبوال الإناث تنقية لأجسادها . والإناث أجمل من الذكور . قال بعض الشعراء :
عليك بالبغلة دون البغل . . . فإنها جامعةٌ للشّمل
مركب قاضٍ وإمامٍ عدل . . . وعالمٍ وسيّدٍ وكهل
تصلح للرّحل وغير الرحل
والبغال من مراكب الرؤساء ، والسادة النجباء ، والقضاة والعلماء . وهم يرجّحون إناثها على ذكورها ؛ حتى إن المغاربة لا يركبون البغال الذكور البتة وإنما يجعلونها برسم حمل الزّبل . أخبرني قاضي القضاة جمال الدين أبو محمد بن سليمان بذلك ، قال : وإذا طلب وليّ الأمر البغل لأحدٍ كان ذلك دلالةً على إشهاره وتجريسه عليه . قال : فلا يركب البغل الذكر عندنا إلا زبّالٌ أو مجرّس . وأعظم ما تفضّل به إناث

الصفحة 48