كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 10)

"""""" صفحة رقم 49 """"""
البغال على ذكورها أنّ رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) ركبها وملكها ؛ وما ورد أنه ملك بغلاً ولا ركبه .
ولنذكر بغلات رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) تفضيلاً لهذا الحيوان وتشريفاً ، تنويهاً بذكره وتعريفاً ؛ والله أعلم .
ذكر بغلات الرسول الله ( صلى الله عليه وسلم )
كان لرسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) بغلةٌ شهباء يقال لها دلدل ، أهداها له المقوقس . ذكر ذلك ابن قتيبة وابن سعد ؛ فقال ابن سعد ما هذا نصه : وبعث رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) حاطب بن أبي بلتعة اللّخمي ، وهو أحد الستة ، إلى المقوقس صاحب الإسكندريّة عظيم القبط يدعوه إلى الإسلام ، وكتب معه كتاباً ؛ فأوصل إليه كتاب رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) ، فقرأه وقال له خيراً ؛ وأخذ الكتاب فجعله في حقٍّ من عاج وختم عليه ودفعه إلى جاريته ؛ وكتب إلى النبيّ ( صلى الله عليه وسلم ) : قد علمت أن نبيّاً قد بقي ، وكنت أظن أنه يخرج بالشام ، وقد أكرمت رسولك وبعثت إليك بجاريتين لهما مكان في القبط عظيم ، وقد أهديت إليك كسوة وبغلة تركبها . ولم يزد على هذا ولم يسلم . فقبل رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) هديّته ، وأخذ الجاريتين : مارية أمّ إبراهيم ابن رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) ، وأختها سيرين . وبغلةً بيضاء لم يكن في العرب يومئذ غيرها وهي دلدل . وقال رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) : " ضنّ الخبيث بملكه ولا بقاء لملكه " .
وذكر ابن سعد أيضاً قال : كانت دلدل بغلة رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) أوّل بغلة رئيت في الإسلام ، أهداها له المقوقس وأهدى معها حماراً يقال له عفير ؛ فكانت البغلة قد بقيت حتى كان زمن معاوية . وفي لفظ : وكانت شهباء ، وكانت بينبع حتى ماتت ثمّ . وفي لفظ : وكانت قد كبرت حتى زالت أسنانها ، وكان يجّش لها الشعير .
وروى ابن سعد أيضاً عن محمد بن عمر الأسلميّ قال : حدّثنا أبو بكر بن عبد الله ابن أبي سبرة عن زامل بن عمرو قال : أهدى فروة بن عمرو إلى النبيّ ( صلى الله عليه وسلم ) بغلة يقال لها فضّة فوهبها لأبي بكر . وكذلك قال البلاذريّ . وقد يقال : إن دلدل من هديّة فروة ، وإن فضّة من هدية المقوقس .

الصفحة 49