كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 10)

"""""" صفحة رقم 51 """"""
فيها ، فرماها بسهم فقتلها .
وكانت له بغلة يقال لها الأيليّة ؛ أهداها إليه ملك أيلة ، وكانت طويلة مخندفةً كأنما تقوم على رمال حسنة السير ؛ فأعجبته ووقعت منه . وهي التي قال له فيها عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه حين خرج عليها : كأنّ هذه البغلة قد أعجبتك يا رسول الله ؟ قال : " نعم " قال : لو شئنا لكان لك مثلها ؛ قال : " وكيف " ؛ قال : هذه أمّها فرس عربيّة وأبوها حمار ، ولو أنزينا حماراً على فرس لجاءت بمثل هذه ؛ فقال : " إنما يفعل ذلك الذين لا يعلمون " .
وعن دحية بن خليفة الكلبيّ رضي الله عنه قال : قلت : يا رسول الله ، ألا أحمل لك حماراً على فرس فتنتج لك بغلة ؟ فقال : " إنما يفعل ذلك الذين لا يعقلون " . رواه ابن منده في كتاب الصحابة .
وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال : كان رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) عبداً مأموراً ، ما اختصّنا دون الناس بشيء إلا بثلاث : أمرنا أن نسبغ الوضوء ، وألاّ نأكل الصّدقة ، وألا ننزي حماراً على فرس . رواه التّرمذيّ في الجهاد . وفي لفظ آخر عنه رضي الله عنه : كان عبداً مأموراً بلّغ ما أرسل به ، وما اختصّنا دون الناس بشيء إلا بثلاث خصال : أمرنا أن نسبغ الوضوء ، وألاّ نأكل الصّدقة ، وألا ننزي الحمار على الفرس . وهذا على هذين الحديثين يختصّ بآل النبيّ ( صلى الله عليه وسلم ) دون غيرهم .
والذي يظهر من مجموع هذه الأحاديث المرويّة التي أوردناها أن بغلات رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) كانت سبعاً ، وهي : الدّلدل التي أهداها له المقوقس ، وفضّة التي أهداها له فروة بن عمرو ، وبغلة أهداها له كسرى ، وبغلته الأيليّة التي أهداها له ابن العلماء صاحب أيلة ، وبغلة بعثها له صاحب دومة الجندل ، وبغلة أهداها له يحنّة ابن روبة ، وبغلة أهداها له النّجاسيّ صاحب الحبشة . والله تعالى أعلم بالصواب .
ذكر شيء مما وصفت البغال
قد ألّف الجاحظ كتاباً في البغال مفرداً عن كتاب الحيوان ، قال فيه ما نصه : نبدأ إن شاء الله بما وصف الأشراف من شأن البغلة في حسن سيرتها ، وتمام خلقتها ، والأمور الدّالة على السرّ في جوهرها ، وعلى وجوه الارتفاق بها ، وعلى تصرّفها في

الصفحة 51