كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 10)

"""""" صفحة رقم 53 """"""
إلى الأحنف بن قيس رجلاً يجري ذكره في مجلسه ويحفظ عنه ما يقول ؛ فلمّا قعد قال الأحنف : أما إنهم إن جنبوا بنات الصّهّال ، وركبوا بنات النّهّاق ، وأمسوا بأرضٍ وأصبحوا بأرض ، طال أمرهم .
قال الجاحظ : فلا ترى صاحب الحرب يستغني عن البغال ، كما لا ترى صاحب السّلم يستغني عنها ، وترى صاحب السفر كصاحب الحضر . انتهى كلام الجاحظ .
وحكي أنّ عبد الحميد ساير مروان بن محمد الجعديّ على بغلة ؛ فقال : لقد طالت صحبة هذه الدابّة لك ؛ فقال : يا أمير المؤمنين ، من بركة الدابّة طول صحبتها . فقال : صفها ؛ فقال : همّها إمامها ، وما ضربت قطّ إلاّ ظلماً .
وقال بعض الكتّاب من رسالة : قد اخترت لسيّدي بغلةً وثيقة الخلق ، لطيفة الخرط ، رشيقة القدّ ، موصوفة السير ، ميمونة الطير ، مشرفة العنق ، كريمة النّجار ، حميدة الآثار .
إن أدبرت قلت لا تليل لها . . . أو أقبلت قلت ما لها كفل
قد جمعت إلى حسن القميص ، سلامة الفصوص ؛ فسمّيت قيد الأوابد ، وقرّة عين الساهد ؛ تزري في انطلاقها ، بالبروق في ائتلاقها .
قال البحتريّ يصف بغلاً :
وأقبّ نهدٍ للصّواهل شطره . . . يوم الفخار وشطره للشّحّج
خرق يتيه على أبيه ويدّعي . . . عصبيّةً لبني الضّبيب وأعوج
مثل المذّرع جاء بين عمومةٍ . . . في غافقٍ وخؤولة للخزرج

الصفحة 53