كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 10)

"""""" صفحة رقم 54 """"""
وقال أبو الفرج الوأواء من قصيدة يشكر بعض أصحابه وقد أهدى له بغلةً :
قد جاءت البغلة السّفواء يجنبها . . . للبرق غيثٌ بدا ينهلّ ماطره
عريقةٌ ناسبت أخوالها فلها . . . بالعتق من أكرم الجنسين فاخره
ملء الحزام وملء العين مسفرةٌ . . . يريك غائبها في الحسن حاضره
أهدى لها الرّوض من أوصافه شيةً . . . خضراء ناضرةً إن زال ناضره
ليست بأوّل حملانٍ شريت به . . . حمدي ولا هي ياذا الجود آخره
كم قد تقدّمها من سابح بيدي . . . عنانه وعلى الجوزا حوافره
وقال أبو المكارم بن عبد السّلام :
كأنها النار في الحلفاء إن ركضت . . . كأنها السيل إن وافتك من جبل
كأنها الأرض إن قامت لمعتلفٍ . . . كأنها الريح إن مرّت على القلل
ما يعرف الفكر منها منتهى حضرٍ . . . ما صوّر الوهم فيها وصمة الكسل
إذا اقتعدت مطاها وهي ماشيةٌ . . . ثهلان تبصره في زيّ منتقل
هذا ما اتّفق إيراده من صفات البغال التي تقتضي المدح .
فأما ما جاء في ذمها فالمثل المضروب في بغلة أبي دلامة . وقال أبو دلامة في بغلته :
أبعد الخيل أركبها وراداً . . . وشقراً في الرّعيل إلى القتال
رزقت بغيلةً فيها وكالٌ . . . وخير خصالها فرط الوكال
رأيت عيوبها كثرت وعالت . . . ولو أفنيت مجتهداً مقالي
تقوم فما تريم إذا استحثّت . . . وترمح باليمين وبالشّمال رياضة جاهلٍ وعليج سوءٍ . . . من الأكراد أحبن ذي سعال

الصفحة 54