كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 10)

"""""" صفحة رقم 57 """"""
كريمٌ حين ينسب والداه . . . إلى كرم المناسب في البغال
وقال اقاضي بهاء الدين زهير الكاتب :
لك يا صديقي بغلةٌ . . . ليست تساوي خردله
مقدار خطوتها الطوي . . . لة حين تسرع أنمله
وتخال مدبرةً إذا . . . ما أقبلت مستعجله
تمشي فتحسبها العيو . . . ن على الطريق مشكّله
تهتزّ وهي مكانها . . . فكأنما هي زلزله
ذكر ما قيل في الحمر الأهلية
قال المتكلمون في طبائع الحيوان : إنّ الحمار لا يولد له قبل أن تتمّ له ثلاث سنين ونصف . قالوا : والحمار إذا شمّ رائحة الأسد رمى بنفسه عليه لشدّة خوفه منه . ولذلك قال أبو تمّام يخاطب عبد الصمد بن المعذّل وقد هجاه :
أقدمت ويلك من هجوي على خطرٍ . . . والعير يقدم من خوفٍ على الأسد
والحمار يوصف بحدّة حاسّة المسع . وهو إذا نهق أضرّ بالكلب ؛ قالوا : حتى إنّه يحدث له مغساً ؛ فلذلك يطول نباحه . والبرد يضرّ الحمار ويؤذيه ؛ ولهذا لا يوجد في بلاد الصّقالبة . وقال الجاحظ : وحلف أحمد بن العزيز أن الحمار ما ينام . فقيل له : ولم ذلك ؟ قال : لأنّي أجد صياحه ليس بصياح من نام وانتبه في تلك الساعة ، ولا هو صياح من يريد أن ينام بعد انقضاء صياحه .
وأجود الحمير المصريّة . وأهل مصر يعتنون بتربيتها ، ويحتفلون بأمرها ويسابقون عليها ، ويسمّون مكان سباقها الطابق . والجيّد منها يباع بالثمن الكثير . نقل صاحب كتاب مباهج الفكر ومناهج العبر في كتابه قال : لقد بيع منها حمارٌ بمائة دينار وعشرة دنانير . وأمّا الذي رأيناه نحن منها فأبيع بألف درهم ، وربما زاد بعضها على الألف . وكثيرٌ من أهل مصر يركبونها ويتركون الخيل والبغال . فمن ركبها من الأعيان مع وجود

الصفحة 57