كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 10)

"""""" صفحة رقم 58 """"""
القدرة والإمكان على ركوب الخيل والبغال ، يقصد بذلك التواضع وعدم الكبرياء . ومن ركبها من ذوي الأموال وترك الخيل والبغال ربما يفعل ذلك توفيراً لماله وضنّةً به . ومن ركبها من الشباب والسّوقة يقصد بذلك التنزّه عليها لفراهتها وسرعة مشيتها .
وقد كان لرسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) حمارٌ من حمير مصر اسمه يعفور وقيل : عفير ؛ أهداه له المقوقس صاحب الإسكندريّة مع ما أهدى . وقد ورد أيضاً في الحديث أنه كان لرسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) حماران : يعفور وعفير . فأمّا عفير فأهداه له المقوقس . وأمّا يعفور فأهداه له فروة ابن عمرو الجذاميّ . ويقال : إنّ حمار المقوقس يعفور وحمار فروة عفير .
قال الواقديّ : مات يعفور عند منصرف النبيّ ( صلى الله عليه وسلم ) من حجّة الوداع . وذكر السّهيليّ : أن يعفوراً طرح نفسه في بئرٍ يوم مات النبيّ ( صلى الله عليه وسلم ) فمات . وذكر ابن فورك في كتاب الفصول أنه كان في مغانم خيبر ، وأنّه كلّم النبيّ ( صلى الله عليه وسلم ) وقال : يا رسول الله ، أنا زياد بن شهاب ، وقد كان في آبائي ستّون حماراً كلّهم ركبهم نبيٌّ ، فاركبني أنت . وزاد الجوينيّ في كتاب الشامل : أنّ النبيّ ( صلى الله عليه وسلم ) كان إذا أراد أحداً من أصحابه أرسل هذا الحمار إليه ؛ فيذهب حتى يضرب برأسه ؛ فيخرج ذلك الرجل ، فيعلم أنه أرسل إليه ، فيأتي النبيّ ( صلى الله عليه وسلم ) .
وفي الحمار منافع طبيّة ذكرها الشيخ الرئيس أبو عليّ بن سينا ، قال : رماد كبد الحمار بالزّيت ينفع من الخنازير ؛ قال : ويبرئ من الجذام . وهذا دواءٌ رخيص إن صحّ . قال : وكبده مشويّةً على الرّيق تنفع من علّة الصّرع . قال : والمكزوز من اليبوسة يجلس في مرقة لحمه . وقيل : إنّ بوله نافع من وجع الكلى . قال : وبول الحمار الوحشيّ يفتّت الحصاة في المثانة .

الصفحة 58