كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 10)

"""""" صفحة رقم 59 """"""
ذكر ما يتمثل به في ذكر الحمار
تقول العرب : " العير أوقى لدمه " . وقالوا : " نجىً عيراً سمنه " . وقالوا : " الجحش إذا فاتك الأعيار " . وقالوا : " أصحّ من عير أبي سيّارة " ؛ لأنه كان دفع بأهل الموسم على ذلك العير أربعين عاماً . وقالوا : " إن ذهب عيرٌ فعيرٌ في الرّباط " . وقالوا : " العير يضرط والمكواة في النار " . وقالوا : " حمارٌ يحمل سفراً " .
ومن أنصاف الأبيات :
وقد حيل بين العير والنّزوان
ذكر شيء مما وصفت به الحمير على طريقي المدح والذم
في وصفها
قال أبو العيناء لبعض سماسرة الحمير : اشتر لي حماراً لا بالطويل الّلاحق ، ولا بالقصير اللاصق ؛ إن خلا الطريق تدفّق ، وإن كثر الزّحام ترفّق ؛ لا يصادم بي السّواري ، ولا يدخل تحت البواري ؛ إن كثرت علفه شكر ، وإن قلّلته صبر ؛ وإن ركبته هام ، وإن ركبه غيري قام . فقال به السمسار : إن مسخ الله بعض قضاتنا حماراً أصبت حاجتك ، وإلاّ فليست موجودة . قيل للفضل الرّقاشيّ : إنك لتؤثر الحمير على جميع الدوابّ ؛ قال : لأنها أرفق وأوفق ؛ قيل : ولم ذاك ؟ قال : لأنها لا تستبدل بالمكان ، على طول الزمان ؛ ثم قال : هي أقلّ داءً ، وأيسر دواءً ، وأخفض مهوىً ، وأسلم صرعاً ؛ وأقلّ جماحاً ، وأشهر فرهاً ، وأقلّ بطراً ؛ يزهى راكبه وقد بواضع بركوبه ؛ ويعدّ مقتصداً وقد أسرف في ثمنه .

الصفحة 59