كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 10)

"""""" صفحة رقم 60 """"""
وقال أحمد بن طاهر يصف حماراً :
شيةٌ كأنّ الشمس فيها أشرقت . . . وأضاء فيها البدر عند تمامه
وكأنّه من تحت راكبه إذا . . . ما لاح ، برقٌ لاح تحت غمامه
ظهرٌ كجري الماء لين ركوبه . . . في حالتي إتعابه وجمامه
سفهت يداه على الثّرى فتلاعبت . . . في جريه بسهوله وإكامه
عن حافرٍ كالصّخر إلاّ أنّه . . . أقوى وأصلب منه في استحكامه
ما الخيزران إذا انثنت أعطافه . . . في لين معطفه ولين عظامه
عنقٌ يطول بها فضول عنانه . . . ومحزّمٌ يغتال فضل حزامه
وكأنّه بالرّيح منتعلٌ ، وما . . . جري الرياح كجريه ودوامه
أخذ المحاسن آمناً من عيبه . . . وحوى الكمال مبرّأً من ذامه
وقال آخر :
لا تنظرنّ إلى هزال حماري . . . وانظر إلى مجراه في الأخطار
متوقّدٌ جعل الذكاء إمامه . . . فكأنما هو شعلةٌ من نار
عادت عليه الريح عند هبوبها . . . فكأنه ريح الدّبور يباري
هذا ما ورد في مدحها .
وأمّا ما جاء فيها على سبيل الذم ، فمن ذلك قولهم : " أضلّ من حمارٍ أهله " . وقولهم : " أخزى الله الحمار مالاً ، لا يزكّي ولا يذكّي " . ومنه قول جرير بن عبد الله : لا تركب حماراً ، فإنه إن كان حديداً أتعب يديك ، وإن كان بليداً أتعب رجليك .
والمثل مضروبٌ في الحمير المهزولة بحمار طيّاب ، كما يضرب المثل ببغلة أبي دلامة .
قال شاعر :
وحمارٍ بكت عليه الحمير . . . دقّ حتى به الرياح تطير

الصفحة 60