كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 10)

"""""" صفحة رقم 61 """"""
كان فيما مضى يسير بضعفٍ . . . وهو اليوم واقفٌ لا يسير
كيف يمشي وليس شيءٌ يراه . . . وهو شيخٌ من الحمير كبير
لمح القتّ مرّةً فتغنّي . . . بحنينٍ وفي الفؤاد زفير :
ليس لي منك يا ظلوم نصيبٌ . . . أنا عبد الهوى وأنت أمير
وقال خالد الكاتب :
وقائلٍ إنّ حماري غدا . . . يمشي إذا صوّب أو أصعدا
فقلت لكنّ حماري إذا . . . أحثثته لا يلحق المقعدا
يستعذب الضرب فإن زدته . . . كاد من اللّذّة أن يرقدا
وقال أبو الحسين الجزّار :
هذا حماري في الحمير حمار . . . في كلّ خطوٍ كبوةٌ وعثار
قنطار تبنٍ في حشاه شعيرةٌ . . . وشعيرةٌ في ظهره قنطار
ولمّا مات حمار هذا الشاعر داعبه شعراء عصره بمراثٍ وهزليّات ؛ فقال بعضهم :
مات حمار الأديب قلت قضى . . . وفات من أمره الذي فاتا
مات وقد خلّف الأديب ومن . . . خلّف مثل الأديب ما ماتا
ونحو هذين البيتين قول الآخر :
قال حمار الحكيم توما . . . لو أنصفوني لكنت أركب
لأنني جاهلٌ بسيطٌ . . . وصاحبي جاهلٌ مركّب وكتب أبو الحسن بن نصر الكاتب إلى صديق له اشترى حماراً ، يداعبه . قال من رسالة : قد عرفت ، أبقاك الله ، حين وجدت من سكرة الأيّام إفاقه ، وآنست من وجهها العبوس طلاقه ؛ كيف أجبت داعي همّتك ، وأطعت أمر مروءتك ؛ فسررت بكمون هذه المنقبة التي أضمرها الإعدام ، ونمّ على كريم سرّها الإمكان ؛ واستدللت منها على خبايا فضل ، وتنبّهت منها على مزايا نبل ؛ كانت مأسورةً في قبضة الإعسار ، وكاسفةً

الصفحة 61