كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 10)

"""""" صفحة رقم 66 """"""
بمنزلة العتيق من الخيل . والعرابيّ كالبرذون . والبختيّ كالبغل . ويقال : البخت ضأن الإبل . وهي متولّدةٌ عن فساد منيّ العراب . وحكى الجاحظ أنّ منهم من يزعم أنّ في الإبل ما هو وحشيٌّ وأنها تسكن أرض وبار ، وهي غير مسكونة بالناس . وقالوا : ربما ندّ الجمل منها في الهياج فيحمله ما يعرض له منها على أن يأتي أرض عمان ، فيضرب في أدنى هجمةٍ من الإبل ؛ فالإبل المهريّة من ذلك النّتاج . وتسمّى الإبل الوحشيّة الحوش . ويقولون : إنها بقايا إبل عادٍ وثمود ومن أهلكه الله من العرب . والمهريّة منسوبة إلى مهرة قبيلة باليمن ؛ وهي سريعة العدو . ويعلفونها من قديد سمكٍ يصاد من بحر عمان . وأمّا البخت ، فمنها ما يرهوك مثل البراذين ؛ ومنها ما يجمز جمزاص ويرقل إرقالاً . وفي البخت ماله سنامان في طول ظهره كالسّرج ، ولبعضها سنامان في العرض عن اليمين وعن الشمال ، وتسمّى الخراسانية .
قالوا : والجمل لا ينزو إلاّ مرّةً واحدةً يقيم فها النهار أجمع ونزل فيها مراراً كثيرة ، فيجيء منها ولدٌ واحدٌ . وهو يخلو في البراري حالة النّزو ، ولا يدنو منه أحدٌ من الناس إلاّ راعيه الملازم له . وذكره صلبٌ جدّاً ؛ لأنه من عصبٍ . والأنثى تحمل سنة كاملة ؛ وتلقح لمضيّ ثلاث سنين ، وكذلك الذكر ينزو في هذه المدّة ، ولا ينزو عليها إلا بعد سنةٍ من يوم وضعها . وفيه من كرم الطّباع أنه لا ينزو على أمّهاته ولا أخواته . ومتى حمل على أن يفعل حقد على من ألزمه ؛ وربما قتله . وليس في الحيوان من يحقد حقده . وقد قالوا : إنّ العرب إنما اكتسبت الأحقاد لأكلها لحوم الجمال ومداومتها .
وفي طبع الجمل الاهتداء بالنّجم ، ومعرفة الطّرق ، والغيرة ، والصولة ، والصبر على الحمل الثقيل وعلى العطش . والإبل تميل إلى شرب الماء الكدرة الغليظة ؛ وهي إذا وردت ماء الأنهار حرّكته بأرجلها حتى يتكدّر . وهي من عشّاق الشمس . وهي تتعرّف النبات المسموم بالشّمّ من مرّة واحدةٍ فتجنّبه عند رعيه ولا تغلط إلا في اليبيس خاصّةً . وزعم أرسطو : أنها تعيش ثلاثين سنة في الغالب . وقال صاحب

الصفحة 66